قال إمام وخطيب المسجد النبوي في المملكة العربية السعودية ، الشيخ د. عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان – في خطبة الجمعة -: العبادة وقت الغفلة قربة من أعظم القرب، وطاعة لرب العالمين، وتنبيه للغافلين، وذكرى تنفع المؤمنين؛ وإن شهر شعبان موسم طاعة يغفل عنه كثير من الناس، فاحرصوا على عمارة أوقاته، واغتنموا أيامه وساعاته، وتعرضوا لنفحات الله وتلمسوا مرضاته؛ ومن كان عليه قضاء من رمضان الماضي فليبادر بصيامه قبل نهاية شعبان، فإنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان.
وأضاف: الصوم عبادة من أعظم العبادات، وقربة من أزكى القربات، وطاعة من أجل الطاعات؛ وحقيقته: الإمساك عن المفطرات وترك الشهوات، واتقاء المحرمات؛ وغاية الصوم تقوى الله عز وجل، وتهذيب النفس وتزكيتها من النقص والخلل، وحصول الأجر والثواب منه سبحانه وتعالى، الصوم من أفضل القربات، وأجل الطاعات، وأعظم المثوبات، وهو عبادة الصابرين، وزاد المتقين، وذخر الفائزين؛ ويكفي أن الله قسم عمل ابن آدم إلى قسمين، فجعل الصوم قسمًا مستقلًا أضافه لنفسه، وجعل بقية أعماله قسمًا واحدًا؛ وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ".
وقال: فالصوم جنة ووقاية من النيران، وعصمة من اقتراف المعاصي واتباع الشهوات والشيطان، وللصائم فرحتان، وله في الجنة باب يقال له الريان، وأفضل الصيام أداء الركن الواجب بصيام شهر رمضان، وأفضل صيام التطوع صيام شهر شعبان، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّهْرِ مِنَ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ " رواه مسلم؛ وعَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ "، وعن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»؛ وعن عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: «كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصُومَهُ شَعْبَانُ» رواه الحاكم؛ فكان صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان تطوعاً أكثر من صيامه فيما سواه، وكان يصوم معظم شعبان.
وتابع: فصوموا عباد الله من شعبان ما استطعتم، وأقرضوا الله قرضا حسنًا، (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا)، شعبان شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله، فاحرصوا على الخواتيم، فإنما الأعمال بالخواتيم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وقد قال عن شعبان: "وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ".