اقترحت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، ويعارض شن أي هجوم بري إسرائيلي كبير في رفح بجنوب قطاع غزة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن أشارت واشنطن إلى أنها ستستخدم حق النقض الثلاثاء، ضد مشروع قرار صاغته الجزائر يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وذلك لمخاوف من أنه قد يقوض المحادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر التي تسعى إلى التوسط في وقف للحرب وإطلاق سراح المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
وتعارض واشنطن حتى الآن استخدام كلمة وقف إطلاق النار في أي تحرك للأمم المتحدة بشأن الحرب الدائرة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، لكن مشروع القرار الأميركي يعبر عن لغة قال الرئيس الأميركي جو بايدن؛ إنه استخدمها الأسبوع الماضي، في محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وينص مشروع القرار على أن "يؤكد مجلس الأمن دعمه لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن، استنادا إلى صيغة إطلاق سراح جميع المحتجزين، ويدعو إلى رفع جميع العوائق التي تحول دون تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع”.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "لا نعتزم الإسراع في طرح نصنا للتصويت. لا نعتقد بأن الإسراع في التصويت ضروري أو بنًاء ونعتزم إتاحة الوقت للمفاوضات”.
ولإقرار أي مقترح في مجلس الأمن، يتعين حصوله على تأييد تسعة أصوات على الأقل وعدم استخدام حق النقض من قبل الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين.
وينص مشروع القرار على أنه "في ظل الظروف الحالية، فإن أي هجوم بري كبير على رفح سيلحق المزيد من الأذى بالمدنيين وقد يؤدي لنزوحهم إلى دول مجاورة”.
وتعتزم إسرائيل شن هجوم على رفح حيث يحتمي أكثر من مليون فلسطيني من إجمالي عدد سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، مما أثار مخاوف دولية من أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة. وحذرت الأمم المتحدة من أن الهجوم "قد يؤدي إلى مذبحة”.
وجاء في المسودة أن خطوة كهذه "سيكون لها آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين، وبالتالي يجب التأكيد على ضرورة عدم المضي قدما في مثل هذا الهجوم البري الكبير في ظل الظروف الحالية”.
وتحمي واشنطن حليفتها إسرائيل من أي تحرك يستهدفها في الأمم المتحدة واستخدمت حق النقض بالفعل مرتين ضد قرارين في المجلس منذ السابع من تشرين الأول.
لكنها امتنعت أيضا عن التصويت مرتين، مما سمح للمجلس باتخاذ قرارين بزيادة المساعدات لغزة والدعوة لهدنة إنسانية عاجلة وطويلة.
"طلقة تحذيرية”
وهذه هي المرة الثانية منذ السابع من تشرين الأول، التي تقترح فيها واشنطن إصدار مجلس الأمن قرارا بشأن غزة. واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد محاولتها الأولى في أواخر أكتوبر.
وبينما تستعد الولايات المتحدة لحماية إسرائيل من خلال استخدام حق النقض ضد مشروع القرار الجزائري الثلاثاء، قال ريتشارد جوان مدير شؤون الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية إن إسرائيل ستكون أكثر قلقا بشأن النص الذي صاغته واشنطن.
وأضاف "الحقيقة البسيطة المتمثلة في أن الولايات المتحدة تطرح هذا النص هي بمثابة طلقة تحذيرية لنتنياهو… إنها أقوى إشارة أميركية في الأمم المتحدة حتى الآن تفيد بأن إسرائيل لا يمكنها الاعتماد على الحماية الدبلوماسية الأميركية إلى أجل غير مسمى”.
ولم ترد بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة في نيويورك بعد على طلب للتعليق على مشروع القرار الأميركي.
وقال مسؤول كبير آخر في الإدارة الأميركية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن المسودة الأميركية لا تشير إلى "أي شيء يتعلق بآليات أي علاقة معينة، سواء كانت مع الإسرائيليين أو أي شريك آخر لدينا”.
ويندد مشروع القرار الأميركي بالدعوات التي أطلقها وزراء إسرائيليون للمستوطنين اليهود للانتقال إلى غزة، كما أنه يرفض أي محاولة لإحداث تغيير ديموغرافي في قطاع غزة أو في أراضيه على نحو ينتهك القانون الدولي.
ويرفض مشروع القرار أيضا "أي تحرك من جانب أي طرف من شأنه أي يؤدي إلى تقليص مساحة أراضي غزة بصورة مؤقتة أو دائمة، بما يشمل إنشاء ما يسمى بالمناطق العازلة بشكل رسمي أو غير رسمي، فضلا عن التدمير المنهجي والواسع النطاق للبنية التحتية المدنية”.
وكانت رويترز قد ذكرت في كانون الأول، أن إسرائيل أبلغت عدة دول عربية بأنها تريد إقامة منطقة عازلة داخل حدود غزة لمنع الهجمات ضمن مقترحاتها للقطاع بعد انتهاء الحرب.
وبدأت الحرب في غزة بعد عملية تشرين الأول، وشنت إسرائيل هجوما عسكريا في غزة تقول السلطات الصحية في القطاع الذي تديره المقاومة، إنه تسبب حتى الآن في استشهاد أكثر من 28 ألف فلسطيني، وسط مخاوف من وجود آلاف الجثث وسط الأنقاض.
وفي كانون الأول، صوت أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا لصالح المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. وقرارات الجمعية العامة ليست ملزمة لكنها تحمل ثقلا سياسيا وتعكس وجهة نظر عالمية بخصوص الحرب.