يستمر الوضع الإنساني في التدهور في قطاع غزة حيث بات نحو 2.2 مليون شخص، هم الغالبية العظمى من سكانه، مهددين بخطر "مجاعة جماعية" وفق الأمم المتحدة، ادعى الجيش الإسرائيلي تقدبم خطة "لإجلاء" المدنيين من "مناطق القتال" في غزة، حسبما أعلن الإثنين، مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتوعدت إسرائيل الأحد، بشن هجوم بري على مدينة رفح المكتظة في جنوب القطاع على رغم المفاوضات الجارية للتوصل إلى هدنة جديدة.
وقال مكتب نتنياهو في بيان مقتضب الاثنين، إن الجيش "قدم لمجلس الحرب خطة لإجلاء السكان من مناطق القتال في قطاع غزة، فضلاً عن خطة العمليات المقبلة"، من دون أن يخوض في تفاصيل.
يأتي ذلك في وقت قال نتنياهو الأحد، لقناة "سي بي إس" الأميركية إن التوصل إلى اتفاق هدنة لن يؤدي إلا إلى "تأخير" الهجوم على مدينة رفح التي يتجمع فيها ما يقرب من مليون ونصف مليون مدني على الحدود المغلقة مع مصر، وفق أرقام الأمم المتحدة.
وصرح نتنياهو "إذا توصلنا إلى اتفاق، فستتأخر (العملية) إلى حد ما، لكنها ستتم"، مضيفاً "إذا لم يحصل اتفاق، فسنقوم بها على أي حال. يجب أن تتم، لأن النصر الكامل هو هدفنا، والنصر الكامل في متناول اليد - ليس بعد أشهر، بل بعد أسابيع، بمجرد أن نبدأ العملية".
محادثات الهدنة
وبينما تستمر المحادثات في قطر، يحتدم القتال بين الجيش الإسرائيلي وحماس خصوصاً في مدينة خان يونس المدمرة، على بُعد بضعة كيلومترات شمالي رفح.
وكشف مسؤول إسرائيلي أنه من المتوقع أن يصل وفد إسرائيلي إلى قطر الإثنين، لإجراء محادثات حول اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".
وأضافت الصحيفة نقلاً عن المسؤول قوله إن المحادثات في قطر سوف تكون مكثفة وسيشارك فيها الوسطاء بغية تضييق هوة الخلافات في وجهات النظر بشأن التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة.
كما أبلغ المسؤول الإسرائيلي الصحيفة الأميركية، أنه من المتوقع أن ترسل إسرائيل مجموعة من الموساد لبحث التفاصيل الدقيقة مثل هوية المحتجزين والأسرى الفلسطينيين المقرر إطلاق سراحهم.
كذلك لفت إلى أن الوفد الذي سيصل إلى قطر سيكون برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنياع، الذي قاد وفد بلاده في محادثات باريس.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول مصري طلب عدم الإفصاح عن هويته، أن محادثات باريس من المتوقع أن تستمر في قطر ثم بالقاهرة في وقت لاحق.
وتأتي محادثات الدوحة في أعقاب اجتماع في نهاية الأسبوع بباريس من دون مشاركة حماس، حيث "اجتمع ممثلو إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر... وتوصلوا إلى تفاهم بين الدول الأربع حول الملامح الأساسية لاتفاق بشأن المحتجزين"، حسب ما قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جايك ساليفان لشبكة "سي إن إن".
وأعلنت الرئاسة الفرنسية، أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيزور باريس هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
وبرزت قطر باعتبارها وسيطاً رئيسياً بين إسرائيل وحماس للتوصل إلى هدنة في غزة وإطلاق سراح مزيد من المحتجزين.
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية "تعمل قطر خصوصاً على إطلاق سراح المحتجزين، وهو ما يمثل أولوية بالنسبة لنا. وهناك ثلاثة مواطنين فرنسيين بين المحتجزين في غزة لدى حماس".
وأوضح أن المحادثات ستركز أيضاً على "الجهود الجارية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار... وتقديم مساعدات كبيرة لسكان غزة".
لازاريني: لا يزال من الممكن "تجنب" المجاعة في غزة
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الأحد، إنه لا يزال من الممكن "تجنب" المجاعة في غزة إذا سمحت إسرائيل للوكالات الإنسانية بإدخال المزيد من المساعدات.
ووفق الأمم المتحدة، تتهدد المجاعة 2.2 مليون شخص أي الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة الذي تتحكم إسرائيل في كل ما يدخله.
وقد يؤدي هذا النقص الخطير في الأغذية إلى "ارتفاع كبير" في معدل وفيات الرضع في شمال القطاع، حيث يقع واحد من كل ستة أطفال تحت سن الثانية ضحية لسوء التغذية الحاد، وفق المصدر نفسه.
وقال لازاريني عبر منصة إكس "إنها كارثة من صنع الإنسان (...) وقد التزم العالم بعدم السماح بالمجاعة مجدداً". وأضاف "لا يزال من الممكن تجنب المجاعة من خلال إرادة سياسية حقيقية لإتاحة وصول مساعدات كبيرة وتأمينها".
وقال فلسطينيون في غزة لوكالة الصحافة الفرنسية في الأيام الأخيرة إنهم يضطرون إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية وحتى ذبح حيوانات الجر من أجل الغذاء.
قبل الحرب، كانت تدخل إلى قطاع غزة نحو 500 شاحنة محملة ببضائع مختلفة يومياً. ولكن منذ 7 أكتوبر، نادراً ما يتجاوز هذا العدد 200 شاحنة، رغم الاحتياجات الهائلة الأكثر إلحاحاً، بعد أن دمرت الحرب الاقتصاد والإنتاج الزراعي، وفق الأمم المتحدة.
والوضع مقلق خصوصاً في الشمال الذي يشهد "فوضى وأعمال عنف"، بحسب برنامج الأغذية العالمي الذي علق الثلاثاء، توزيع مساعداته هناك بسبب القتال وقيام حشود جائعة بتفريغ الشاحنات.
من جهتها، قالت هيئة وزارة الدفاع الإسرائيلية التي تنسق الأنشطة المدنية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) الأحد، إنه تم "تفتيش ونقل" 245 شاحنة مساعدات إلى غزة.
وأكدت "كوغات" التي تفرض رقابة مشددة على كل شاحنة تدخل القطاع الفلسطيني، أنه "لا يوجد حد لكمية المساعدات الإنسانية التي يمكن أن تدخل إلى غزة للسكان المدنيين".
لكن إجراءات التفتيش والترخيص المسبق تؤخر وصول المساعدات إلى غزة، وهو ما نددت به منظمات إنسانية عدة.