شكّل إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن إنشاء "ميناء مؤقت" على ساحل غزة مفاجأة، حتى في الأوساط الإسرائيلية.
وأعاد هذا الإعلان إلى الأذهان التحرك الأمريكي الذي جاء بعد ساعات فقط على هجوم حماس، إذ أوعزت وزارة الدفاع "البنتاغون" بتوجه حاملة الطائرات "جيرالد فورد" إلى المتوسط، لتصل في العاشر من أكتوبر، وبعد نحو ثلاثة أيام على الهجوم، تبعتها حاملة "آيزنهاور".
وبما يشبه الأوامر العسكرية جاء إعلان بايدن، بوصفه أيضاً القائد الأعلى للقوات المسلحة في بلاده، حين قال في خطاب حالة الاتحاد، أمس الخميس: "الليلة، أوجّه الجيش الأمريكي لقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف مؤقت في البحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة يمكنه استقبال سفن كبيرة محمّلة بالغذاء والماء والدواء والملاجئ المؤقتة".
ما الذي تعنيه تلك الخطوة؟ وهل كانت واشنطن عاجزة فعلاً عن إيجاد وسائل أخرى أقل تكلفة لإيصال المساعدات إلى غزة؟
البحر المتوسط.. مجدداً
يعزز الميناء الجديد الوجود الأمريكي على السواحل الشرقية للمتوسط، إذ يضاف إلى "الأسطول السادس" الذي تصل منطقة عملياته إلى المتوسط، وتمتد لتغطي مساحة تعادل نحو 37 مليون كيلومتر مربع، وسواحل 3 قارات، هي: أوروبا، وآسيا، وأفريقيا.
وسيكون الميناء الجديد، مجاورا لقاعدتين روسيتين في البحر المتوسط، إحداهما قاعدة "حميميم" العسكرية البرية في مدينة اللاذقية على الساحل السوري، وقاعدة طرطوس البحرية، وهما من أهم وأكبر القواعد العسكرية في المنطقة، اللتان تضمنان لروسيا سيطرة شبه كاملة على شواطئ المتوسط، وهو ما يعني أن أي وجود أمريكي حتى لو كان "مؤقتاً" سيثير حفيظة موسكو ومخاوفها.
وتولي روسيا أهمية كبرى لسيطرتها البحرية في المتوسط، إذ إن وجودها الدولي كقوة بحرية مرهون بقاعدتيها في سوريا، إضافة إلى قاعدة القرم.
وازدادت أهمية ذلك مع الاكتشافات الواعدة من النفط المدفون على طول السواحل الشرقية للمتوسط، وهو ما أعطى ذلك البحر أهمية قصوى في الصراع الدولي، تزيد من أهميته الاستراتيجية كونه ممرا تجارياً حيويا.
وكانت حاملة الطائرات "جيرالد آر فورد" غادرت منطقة الشرق الأوسط بعد نحو 3 أشهر على وصولها، بينما بقيت "دوايت دي أيزنهاور".
ووفق شبكة "سي أن أن"، فإن حاملة الطائرات تلك، يمكن أن تستوعب أكثر من 60 طائرة، وتعمل بالطاقة النووية.
وكانت المهام المعلنة لحاملتي الطائرات إلى المتوسط هي محاولة "ردع أي محاولة للتصعيد في المنطقة" ومنع "توسيع رقعة الصراع"، وهي رسالة كانت موجهة لإيران بالدرجة الأولى.
كذلك فإن المهام المعلنة للميناء الجديد إيصال المساعدات إلى غزة، وقال بايدن، إن "من شأن الرصيف البحري المؤقت أن يتيح زيادة هائلة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة كل يوم"، لكنه أشار إلى أن ذلك لا يعني إرسال جنود إلى هناك.
مفاجأة لإسرائيل
وشكل الإعلان الأمريكي مفاجأة للحكومة الإسرائيلية، حسبما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وإن كانت الصحيفة رأت في ذلك "دليلا إضافيا على فقدان ثقة إدارة بايدن بالحكومة الإسرائيلية بشأن ملف المساعدات الإنسانية".
لكن الإعلان يشير أيضاً إلى أن واشنطن تريد القول ومنذ الساعات الأولى لحرب غزة، إنها صاحبة القرار الأول في المنطقة التي تحتشد فيها قوى دولية كبرى، أو أنها تسعى لفرض سيطرة وحيدة فيها، فما سبق أن أعلنته بخصوص إرسال حاملتي الطائرات بأنها تسعى لمنع توسع الحرب، لم يتحقق في الواقع، بل إن الصراع امتد فعلياً إلى البحر الأحمر.
الصحيفة العبرية نقلت عن "مسؤول رفيع" في إدارة بايدن، أن الميناء المؤقت "سيوفر القدرة على استيعاب حمولات مئات الشحنات الإضافية من المساعدات يوميا".
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة وقبرص هما من سيقومان بتفتيش الشحنات، وهو ما يعني أيضاً أن واشنطن ستكون صاحبة القول الفصل فيما يتعلق بالمساعدات. وكالات