أجرت تايوان مناورة عسكرية سنوية باستخدام الدبابات ومروحيات الأباتشي في منطقة هونغ تشون على بعد نحو 100 ميل فقط من الصين، حيث تحاكي المناورات الحربية غزوًا محتملاً من قبل الأخيرة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية، حيث نقل المراسل على لسان أحد الجنود التايوانيين المشاركين في المناورة العسكرية قوله: "علينا مواجهة هذا الأمر في نهاية المطاف وسنرى ما إذا كانت الصين قوية كما تعتقد، وعلينا أن نكون مستعدين لأن الحرية ليست مجانية".
واعتبرت الصحيفة، أن ما يشغل المخططين العسكريين في جميع أنحاء العالم هو كيفية الرد المحتمل أمريكيا على غزو الصين لتايوان، وما إذا كان هذا الرد سيؤدي إلى إطلاق العنان لحرب عالمية ثالثة أم لا؟.
وأضافت: "تخيل أن سلسلة التوريد العالمية بأكملها من الرقائق الدقيقة المتقدمة، والتي يتم إنتاج 92% منها في تايوان، يتم قطعها مثل الحبل مما يؤدي إلى توقف إنتاج الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات، تخيل أن تريليونات الدولارات تسقط من أسواق الأسهم في فترة ما بعد الظهر".
ونقلت الصحيفة تقديرات لوكالة "بلومبرغ" الأمريكية التي أكدت، أن الحرب في تايوان ستكلف الاقتصاد العالمي 10 تريليونات دولار؛ مما يجعل الصراع الروسي الأوكراني يبدو وكأنه مجرد "يوم سيئ" في سباق ما.
وشددت الصحيفة، أنه وبينما يبدو كل ذلك وكأنه حبكة مثيرة لفيلم كارثي فإن 67% من الخبراء الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في يناير/ كانون الثاني قالوا، إنهم يتوقعون حدوث أزمة في مضيق تايوان هذا العام.
وتابعت: "غالبًا ما يخطئ الخبراء في فهم الأمر، لكن أي شخص يعرف الصين سيخبرك بأن هذا التهديد حقيقي، وقد يستغرق الأمر عشرة أشهر أو عشر سنوات، لكن ما يسمى بـ "الطوارئ" أمر محتمل".
التايوانيون في حالة إنكار تام
وأوضحت أن الإنفاق العسكري في تايوان ارتفع خلال السنوات الماضية إلى نحو 2.5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولكن هذه النسبة تظل أقل كثيراً من مستوى الإنفاق العسكري في كل من إسرائيل أو أمريكا.
وفي ذات السياق، نقلت الصحيفة عن إلبريدج كولبي، المسؤول السابق في البنتاغون الذي كتب استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية في عام 2018 قوله: "التايوانيون في حالة إنكار تام، إنهم بحاجة إلى أن يكونوا مستعدين لخوض معركة وحشية ومكلفة للحفاظ على حريتهم".
ويقول وانغ تينغ يو، عضو البرلمان التايواني: "نحن نستعد باستمرار، لكننا كنا تحت هذا التهديد لعقود من الزمن ولدينا حياة يومية لنعيشها"، مضيفا: "عندما يصل الناس إلى هنا يتوقعون أن يشاهدوا أوضاعا مشابهة لما يحدث داخل أوكرانيا أو إسرائيل، لكنهم يرون شيئا مختلفا أشبه بلوس أنجلوس".
وعندما قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، بزيارة تاريخية إلى تايوان في عام 2022، ردت الصين باستعراض ضخم للقوة، فأطلقت صواريخ باليستية وحلقت طائرات مقاتلة فوق المجال الجوي التايواني.
ملايين الهجمات الإلكترونية الصينية
وأفادت الصحيفة بأن الصين تشن أيضًا أكثر من عشرة ملايين هجوم إلكتروني شهريًا على تايوان وتنشر معلومات مضللة بشكل منتظم، وبلغت ذروتها خلال الانتخابات العامة التايوانية التي جرت في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وشددت الصحيفة على أن الحزب الشيوعي الصيني يراهن على إعادة التوحيد مع تايوان؛ مما جعل من هذه الوحدة دعامة أساسية لأيديولوجيته القومية وبناء أكبر قوة بحرية في العالم، قادرة (كما يأمل الحزب) على القيام بعملية برمائية تتطلب جهداً استثنائياً.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن ارتباط تايوان الأيديولوجي بالحرية يشكل أحد الأسباب التي تجعل تايوان مهمة بالنسبة لأمريكا والغرب ناهيك عن أن موقع تايوان الاستراتيجي في وسط ما يعرف باسم "سلسلة الجزر الأولى" يعطيها أهمية إستراتيجية فهي تقع وسط سلسلة جزر تابعة لحلفاء أمريكا وتمتد من اليابان إلى ماليزيا والتي تطوق الصين وتمنعها من السيطرة على المحيط الهادئ.
وأضافت أن السبب الأكثر أهمية هو منطقة هسينشو التايوانية التي تعتبر وادي السيليكون في تايوان، ومسبك أشباه الموصلات أو الرقائق الدقيقة للعالم أجمع.
وتقول الصحيفة إن معظم الشركات العالمية مثل شركتي أبل وإنتل تقوم بالاستعانة بشركة "TSMC" لتصنيع شرائحهم، ناهيك عن شركات صناعة الثلاجات والتلفاز والسيارات والحواسيب وغيرها، كما تلعب أشباه الموصلات أيضا دورا حاسمًا في صناعة أنظمة الأسلحة المتقدمة.
ويقول خبراء إستراتيجيون في تايوان، إن صناعة أشباه الموصلات لديهم توفر "درعًا من السيليكون"؛ مما يعني أن الغزو الصيني لتايوان سيكون ببساطة مكلفًا للغاية بالنسبة لجميع المعنيين، بما في ذلك الصين.
وفي المقابل، رأى مات بوتينغر، النائب السابق لمستشار الأمن القومي الأمريكي الذي كان شخصية رئيسة في دفع الموقف العدائي لإدارة ترامب تجاه الصين: "إن درع السيليكون هذا هو محض خيال".
وتابع: "سيكون الحزب الشيوعي الصيني على استعداد للمخاطرة بتدمير صناعة الرقائق في تايوان، إذا اعتقدوا أن ذلك سيضر الغرب أكثر مما سيضر الصين".