ما زال تجنيد "الحريديم" يطغى على الساحة السياسية في إسرائيل بسبب حرب غزة التي دخلت شهرها السابع.
وفجر وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل المنتمي حزب شاس اليهودي المتطرف مفاجأة، بعدما اعتبر أنه بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لم يعد هناك أي مبرر "أخلاقي" لإعفاء اليهود المتشددين "الحريديم" من الخدمة العسكرية، خارقا بذلك أحد المحرمات القائمة منذ فترة طويلة داخل مجتمعه.
ويسعى الائتلاف الحاكم في إسرائيل للتوصل إلى حل وسط بشأن تجنيد "الحريديم" في أعقاب أمر أصدرته المحكمة العليا الشهر الماضي يلغي اعتبارا من الأول من أبريل/نيسان الجاري الإعفاء المستمر منذ عقود.
أربيل قال إن "الواقع بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي هو أن المجتمع اليهودي المتدين يجب أن يفهم أنه لم يعد من الممكن الاستمرار على هذا النحو".
وأضاف "لا توجد إمكانية أخلاقية لطلاب المعاهد الدينية اليهودية لتجنب التجنيد".
والخدمة العسكرية إلزامية بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، لكن الرجال المتدينين الذين يدرسون في المعاهد الدينية معفيين منها إلى حد كبير.
وأدى بعض اليهود المتشددين الخدمة العسكرية في الجيش، بما في ذلك أربيل، لكن معظم أعضاء المجتمع اليهودي المتدين يعارضون ذلك بشدة.
وفي حين أنه عند إنشاء الكيان الصهيوني عام 1948 لم يكن لهذا القرار تأثير سوى على نحو 400 شخص من طلاب الـ"يشيفا" أو المدارس اليهودية الدينية، إلا أن هذا الإجراء يشمل اليوم نحو 66 ألف شاب من "الحريديم" تراوح أعمارهم بين 18 و26 عاما.
ولطالما قسمت هذه القضية المجتمع الإسرائيلي، حيث تطالب فئة بأن يساهم المتدينون في أمن البلاد مثل الآخرين.
وأمر المحكمة يعني أنه بعد سنوات من التأخير، بات بإمكان الجيش الآن استدعاء الرجال من اليهود المتشددين للخدمة العسكرية، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
ولا تخضع النساء المتدينات بشكل عام للاستدعاء للتجنيد.
ونأى شاس، وهو أحد حزبين متشددين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بنفسه عن تصريحات أربيل، على أمل التوصل إلى تسوية بشأن هذه القضية الشائكة.
وأصدر الحزب في بيان أوامر لممثليه "بعدم التعليق على هذه القضية"، مشددا على أن خط الحزب يقرره زعماؤه الدينيون.
واحتشد آلاف اليهود المتشددين في القدس الخميس احتجاجا على قرار إلغاء الإعفاء الذي سيؤدي بحسب اللافتات التي رفعوها إلى "تدمير المدارس الدينية".
من هم الحريديم؟
اليهود الأرثوذكس المتشددون أو «الحريديم» هم طائفة يهودية متشددة، وتعني كلمة «الحريدي» التقيّ.
ويشكل الحريديم 13% من سكان إسرائيل، وهي نسبة من المتوقع أن تزيد إلى 19% بحلول 2035، بسبب ارتفاع معدلات المواليد بينهم، ويمثل الرجال الحريديم 17% من الذكور في سن التجنيد.
ويتنكر يهود «الحريديم» للصهيونية، ويعيش أغلبهم في إسرائيل والولايات المتحدة، كما يعيش البعض منهم في الدول الأوروبية ويتنقلون بينها، ويتبنون في معتقداتهم التوراة والأصول الفكرية اليهودية القديمة.
وتتمحور حياة يهود «الحريديم» حول الحاخام، ويتشاركون في عاداتهم الخاصة في العبادة والطقوس والتشريعات التوراتية والزي والحياة اليومية.
ويكرس الحريديم حياتهم للإيمان، إذ يجتمعون للصلاة في المعابد 3 مرات يوميا ويتعلمون في المعاهد الدينية الكبرى.
ويرفض اليهود المتشددون التجنيد الإجباري، ويطالبون بالحق في الدراسة بالمعاهد اللاهوتية بدلاً من الخدمة بالزي العسكري طوال 3 سنوات.
ويقول البعض إن أسلوب حياتهم المتدين قد يتعارض مع الأعراف العسكرية، بينما يعبر آخرون عن معارضتهم "الدولة الديمقراطية".
ويعتبر الحريديم أن مهمتهم تقتصر على دراسة التوراة، كما يمتنع الشبان دائماً عن التجنيد بسبب انشغالهم بدراسة تعاليم اليهودية والشرائع التوراتية، وأن التفرغ لدراستها لا يقل أهمية عن الخدمة العسكرية.
كما يتحججون بصعوبة الحفاظ على التدين والتعاليم اليهودية بسبب الاختلاط في الجيش، خصوصاً أنهم يلتزمون بنصوص توراتية تخص الفصل بين الجنسين وتمنع الاختلاط والعلاقات بين الرجال والنساء، ويلتزمون بيوم السبت اليهودي، حيث لا يعملون فيه ويخصصونه لزيارة المعابد وقراءة التوراة فقط.
والتجنيد مفروض على الإسرائيليين اليهود عند بلوغهم 18 عاماً، حيث يخدم الرجال لنحو 3 أعوام و8 أشهر والنساء لعامين.