في زيارة هي الخامسة من نوعها، يصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى فيتنام قادمًا من كوريا الشمالية، التي من المقرر أن يزورها غدًا.
وتأتي الزيارة في ظل ظروف غير طبيعية تحكم العلاقات الروسية مع الغرب؛ إذ يحاول كل طرف توسيع دائرة الحلفاء ضد الآخر.
ويرى خبراء روس أن "بوتين يهدف من زيارته إلى فيتنام تثبيت وجود هانوي ضمن قائمة أصدقاء موسكو، ولقطع أية محاولة غربية لإغراء تلك الدولة بتغيير قاعدة تحالفاتها؛ إذ سعت الولايات المتحدة قبل أشهر خلال زيارة الرئيس الأمريكي لهانوي إلى توقيع شراكة استراتيجية شاملة معها"، ويرى هؤلاء أن" الزيارة هدفها تثبيت وتمتين العلاقات الثنائية في ظل التوتر الحاصل في بحر الصين، ومحاولة الولايات المتحدة التوسع عسكرياً هناك".
منع أي التفاف أمريكي
يرى الباحث في الشؤون السياسية سيرغي أولينيك، أن "بوتين يصل فيتنام بأجندة تختلف عن زيارته إلى كوريا الشمالية؛ فبيونغ يانغ مضمونة نوعاً ما بالنسبة لموسكو، أما هانوي فوضعها ورغم متانة العلاقة، قد ينتقل إلى موقع الحياد في حال أغراها ما عرضته عليها واشنطن".
ويتابع: "قبل 9 أشهر زار بايدن فيتنام، وتم الاتفاق على شراكة استراتيجية بين الدولتين، هذا الأمر بحاجة إلى تحرك روسي موازٍ؛ لأن فيتنام حليف تاريخي منذ أيام الاتحاد السوفيتي؛ إذ كان الاتحاد يملك أكبر قاعدة عسكرية خارج الحدود هناك في فيتنام، وأعتقد أن الزيارة تأخرت نوعا ما، لكنها ستحمل الكثير من الآفاق لتوسيع التعاون بين الدولتين في الشؤون الاقتصادية وحتى العسكرية".
ويضيف أولينيك": قد يتم نقاش بعض الصفقات العسكرية وتوسيع التعاون في هذا الإطار، يضاف إلى ذلك وجود رغبة روسية برفع حجم التبادل التجاري وتوسيع استخدام ميناء كامران الدولي، الذي كان يحتوي على أكبر قاعدة عسكرية سوفيتية سابقاً، إذ طلبت واشنطن منذ مدة من هانوي منع القاذفات الروسية من التزود بالوقود من تلك المنطقة أثناء طلعاتها الجوية فوق منطقة آسيا والمحيط الهادي".
ويشير الباحث في الشؤون السياسية إلى أن "الزيارة تأتي في وقتها ويجب الاستفادة منها إلى أعلى مستوى؛ فتلك المنطقة ستكون مسرحاً لتوتر جديد قد يبدأ قريبا بين الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، والهدف قطع أية محاولة لواشنطن من الالتفاف على هانوي، وإقناعها بتغيير شكل العلاقة مع موسكو".
أرض التوترات القادمة
في حين يرى الخبير في الشؤون الآسيوية، رومان لياششينكو، أن "الزيارة تأتي لتوضيح المواقف وتمتينها في ظل توتر يتم تحضيره من قبل واشنطن في بحر الصين، والهدف هذه المرة تهديد الأمن القومي لكل من الصين وروسيا؛ لذلك ستشمل زيارة بوتين كوريا الشمالية وفيتنام معا لإيصال رسالة مفادها: لكم حلفاؤكم هناك ولنا حلفاؤنا".
ويضيف أن "الغرب، على رأسه الولايات المتحدة، استعد لما هو أبعد من الصراع في أوكرانيا، والمنطقة ستذهب إلى توتر جديد أخطر، ونحن هنا نتحدث عن دولتين الصين وروسيا، والمكان هو بحر الصين؛ فالولايات المتحدة توسع قواعدها هناك في الفلبين، وكوريا الجنوبية كذلك ألمحت لوجود نية نشر صواريخ هناك قادرة على الوصول إلى مناطق حساسة جدا في الأراضي الصينية والروسية؛ لذلك تحمل هذه الزيارة أهمية كبرى".
ويتابع لياششينكو: "الغرب كله مع الولايات المتحدة سيراقب من كثب الزيارة، كما سيراقب أية اتفاقية سيتم توقيعها؛ لأنهم يجهزون لمنطقة توتر وعليهم أن يرسموا خرائطهم هنا".
وخلص الخبير في الشؤون الآسيوية إلى القول: "لا شك أن أحد وأهم أسباب الزيارة هو تمتين العلاقة ووضع أسس لها لتكون عصية على الغرب، سواء في أوقات السلم والإغراءات الاقتصادية، أم في أوقات الحرب ونشر الصواريخ". وكالات