تشهد محافظة جرش، استعدادات نشطة للانتخابات البرلمانية المقبلة، تتحرك في نطاق عشائر ومناطق المحافظة، في مسعى من هذه العشائر إلى إنجاح مترشحيها، وذلك عبر تخفيض أعداد الراغبين بالترشح، ليتمكن أبناء كل عشيرة ومنطقة من اختيار مترشح يمثل هذا النطاق الاجتماعي، أو المنطقة التي ينتشر فيها أبناء كل عشيرة، للوصول الى مجلس النواب المقبل، ما يتطلب عملية ترتيب كبيرة لخلق توافقات وتوازنات بين المترشحين والمقترعين، وربما الوصول لخلق تحالفات بين أبناء العشيرة الواحدة، والمثير أن هذا الحراك النشط، لا تظهر فيه قوة الأثر الحزبي، مع أن الأحزاب تحاول جاهدة التوفيق بين تطلعاتها وبرامجها والسياق الاجتماعي المتمثل بالعشائر.
وفي وقت تتبلور فيه الرغبة لدى بعض العشائريين للترشح، تغيب عن أذهان مترشحين منهم الهموم التي يعاني منها جيل واسع من الشباب، وينخفض حضورهم عن الترشح، كما ينخفض حضور النساء، وتهيمن العشائرية والمناطقية على الفهم للعملية الانتخابية، دون أن يكون هناك برامج ذات أبعاد عملية، تسهم بجذب المقترعين لصناديق الانتخاب.
وفي هذا المنحى، يبذل ناشطون عشائريون ووجهاء في جرش، محاولات مضنية غالبا، لإقناع المترشحين الأقل حظا بالتخلي عن رغبتهم في الترشح خلال المرحلة الحالية، تحت تصورات تفيد بأن المرحلة تحتاج لمترشحين، يحملون برامج ومقترحات قادرة على خدمة المجتمع المحلي، وذات صبغة تنموية.
وفي السياق، فإن جرش من المحافظات التي تعتمد في الانتخابات على مترشحي المناطق والعشائر، لذا تقوم عشائرها حاليا بعقد لقاءات واجتماعات ومشاورات وانتخابات داخلية (في العشيرة)، لحصر مترشحيها ذوي الحظوظ القوية، لتحسين فرصهم بالفوز في الانتخابات، وفق الناشط الاجتماعي في جرش محمود عمور.
وقال عمور، إن موعد الاقتراع يقترب، لذا يجب على المترشحين العمل بقوة عبر قواعدهم الانتخابية، للوصول الى ما يضمن لهم الحصول على عدد عال من الأصوات، تؤهلهم للفوز بمقعد انتخابي، لافتا الى أن وتيرة التحضير للعملية الانتخابية تتسارع في هذه الفترة، وهو ما دفع قرى وعشائر لتشكيل فرق من مساندي مترشحيهم لتعزيز فرصهم بالفوز، وحشد أكبر عدد ممكن من الأصوات لهم في مناطقهم وبين أبناء عشائرهم، وخلق ما يشبه التحالفات مع عشائر أخرى مؤازرة لهم، لزيادة الدعم ورفع عدد أصوات الناخبين للمترشح المطروح.
وأضاف، أن كل العشائر والمناطق تبحث عن فرص لفوز مترشحها، بخاصة وأن عدد المترشحين لهذه الانتخابات كبير، مقارنة بالأعوام الماضية، ما يضعف فرص الفوز، والأولى أن يجري تخفيض عددهم عبر إقناعهم بالانسحاب لصالح من تتوافر لهم فرص قوية، وللمحافظة على وصول مترشح واحد عن مقعد العشيرة.
وبين الناشط الشبابي في جرش ليث العتوم، أن الخريطة الانتخابية، بدأت تتضح شيئا فشيئا، بخاصة وان الحراك الانتخابي في أوجه حاليا، والمترشحون يتنافسون على إقناع المقترعين ببرامج انتخابية خاصة بهم، وطرح توجهاتهم للعمل في البرلمان خلال دورته المقبلة، ويركزون على أبناء العشيرة والمنطقة الواحدة، لاسيما وأن قواعدهم الانتخابية، هي الركيزة التي يعتمدون عليها يوم الاقتراع.
وأوضح العتوم، أن التكتلات الانتخابية، بدأت تبلور ملامحها في هذه الفترة، وهي من ستحدد مصير عدد من المترشحين، ما يعني التوجه الى حشد أكبر عدد ممكن من الأصوات لهم، والاعتماد على قوائم يحددها أبناء عشائرهم، تلزم بالتصويت لها، بحكم صلات القرابة والعشائرية والمناطقية التي تجمعهم، لنيل حصة في البرلمان.
الناشطة نور البرغوثي، قالت إن المواطنين مصابون بخيبة أمل من أداء البرلمانات في دورات ماضية، وأنهم يبدون امتعاضهم من أداء نواب المجالس السابقين، وهذا أمر قد يتسبب بعزوفهم عن المشاركة في عملية الاقتراع للانتخابات المقبلة.
وبينت البرغوثي، أن البرامج الانتخابية التي يطرحها بعض المترشحين حاليا، والشعارات التي ينادون بها، غير مقنعة وقد عفا عليها الزمن، وهي بعيدة عن الواقع، بحيث لم تعد تناسب فهم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم، الى جانب ما يعاني منه المواطنون من أوضاع معيشية صعبة، ستؤدي الى عزوفهم عن المشاركة في مجلس يرون أنه لم يأت بجديد لتحسين أحوالهم.
وقالت إن المترشحين، يعقدون اجتماعاتهم بحضور ناخبين، تتفاوت أعدادهم، لترتيب قوائم وتكتلات نيابية، تعتمد في غالبيتها على العشيرة والمنطقة أولا، وتغيب عنها التوجهات العملية والسياسية التي تتبلور لدى جيل واسع من الشباب، وما يطرأ من تحولات في الوعي السياسي اقليميا وعالميا، بخاصة مع ما تمر به المنطقة من أحوال معقدة على كل المستويات.
وتعتقد البرغوثي، أن الناخبين بحاجة لأفكار جديدة وأهداف واقعية، تناسب ظروفهم وتوجهاتهم، وتلامس احتياجاتهم، ومن الضروري ان تحمل برامج المترشحين، ما يفضي الى ملامسة واقع الفقر والبطالة، بخاصة وأن الفئة الاكبر من الناخبين، هم شباب، يعيشون تحت وطأة ظروف اقتصادية قاسية، جراء الظروف الحالية، لذا فهم بحاجة لبرامج وأهداف واقعية تلامس احتياجاتهم، بعيدا عن الشعارات والعبارات الانتخابية التي لم تعد تقنع أحدا.
ولفتت إلى أن العشائر، تعتمد في ترشيحاتها لأبنائها، كي ينالوا مقاعد في البرلمان المقبل، على مترشحين ذكور في تكتلاتها وقوائمها الانتخابية النهائية، بخاصة وأن التصور السائد، يشير إلى أن الذكور هم الأكثر حظا في جلب الأصوات، الى جانب انخفاض عدد المترشحات في هذه الدورة، برغم الدعم والتشجيع الذي تقدمه بعض الجهات لهنّ.