تعيش مختلف الدوائر الإقتصادية العالمية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص حالة من القلق وسط مؤشرات قوية حول دخول الإقتصاد الأمريكي المعروف بالإقتصاد الأول في العالم في حالة تباطؤ إقتصادي أو مايعرف بالكساد لاسيما مع إنهيار البورصة الأمريكية وما تبعها من إنهيارات في مختلف بورصات العالم يوم الإثنين الماضي الذي سُمي بالإثنين الدامي .
ماهو التباطؤ الإقتصادي
هو ركود وتباطؤ في النشاط الإقتصادي ينتج عن عدة عوامل منها إنخفاض الطلب على السلع ، الأزمات المالية والإقتصادية ، السياسات الحكومية الخاطئة ، و حالات الحروب وجائحات الأوبئة
هل دخلت الولايات المتحدة مرحلة التباطؤ الإقتصادي
منذ الربع الأول لعام 2022 بدء الحديث عن دخول الإقتصاد الأمريكي حيث سجل الإقتصاد الأمريكي إنخفاضاً بلغ نحو 1.6 % خلال الربع الأول من العام تبعها بتسجيل إنخفاض بلغ نحو 0.6 % خلال الربع التالي وهو ما أُعتبر ركود في معظم الدول و ليست الولايات المتحدة فقط .
غير أنه على الرغم من ذلك لم تعلن اللجنة المنوطة بالإعلان الرسمي عن دخول البلاد في حالة الركود الإقتصادي والتي تضم ثمانية خبراء من المكتب الوطني للبحوث الإقتصادية حتى الآن عن بدء مرحلة التباطؤ الإقتصادي .
وأشارت إستطلاعات للرأي أجريت خلال نفس العام إلى أن ثلاثة من كل خمسة مواطنين أمريكيين يرون أن الولايات المتحدة تعاني بالفعل من حالة ركود مستهجنين في الوقت نفسه عدم الإعلان عن الأمر حتى الآن .
وشاركهم الرأي وزير الخزانة الأمريكية الأسبق لاري سمرز الذي أكد على أن الولايات المتحدة لم تشهد في أي مرحلة إرتفاع التضخم بنسب تفوق 4% والبطالة بأقل من 4% .
كما توقع الخبير الإقتصادي نوريل روبيني والذي توقع الإنهيار الإقتصادي في عام 2008 دخول الولايات المتحدة في ركود طويل وصفه بالبشع قد يستمر حتى عام 2023.
الهبوط السلس .. ليس الأمر بهذ السوء
لكن الولايات المتحدة تمكنت من الإفلات مراراً من نفق الكساد المظلم والذي كان يتوقع الخبراء دخول الإقتصاد الأمريكي به منذ مارس لعام 2021 على خلفية ركود السلع
الذي تلى عمليات الشراء المفرطة منذ رفع الإغلاق حيث كانت جائحة كورونا أحد العناصر الرئيسية المسببة لحالة التباطؤ الإقتصادي العالمية إلى جانب عدة عناصر أخرى من بينها إندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية وما ترتب عليها إرتفاع أسعار النفط إلى جانب تبني سياسات نقدية متشددة من خلال رفع أسعار الفائدة والذي بلغ نحو 5,25 نقطة مئوية فقط في الفترة مابين مارس 2022 ويوليو 2023.
حيث يرى المحلل إدوارد يارديني في مقال نشرته صحيفة فايننشيال تايمز أن تلك الخطوات من شأنها إطلاق العنان لأزمة إئتمانية كبرى مشيراً إلى أن تفاقم الأزمة المالية قد يجبر الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة موضحاً أن فترات الركود الماضية تعود في الأساس إلى أزمات إئتمانية أو إرتفاع أسعار النفط أو إنفجار فقاعات المضاربة
وأشار إلى أن السياسات النقدية والمالية المتباينة والتحول من التشدد النقدي، إلى سياسة مالية تحفيزية قوية، أدى إلى زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي والذي إستهدف البنية التحتية والحوافز كما أسهم في توسيع العجز الفيدرالي بشكل كبير في المقابل، وفي المقابل إرتفعت أرباح الشركات والتدفقات النقدية بشكل ملحوظ، مدعومة بالسياسات التحفيزية. وعلى الرغم من إرتفاع أسعار الفائدة، فإن الإنفاق الرأسمالي لم يتأثر بشكل كبير، حيث إستعدت العديد من الشركات لهذا الإرتفاع عن طريق الإقتراض بنسب منخفضة. كما ساهمت عمليات إعادة التوطين والإستثمارات التكنولوجية في دعم الإنفاق الرأسمالي.
وبينما تشير التوقعات إلى أن البنك الفيدرالي الأمريكي قد يلجأ إلى خفض الفائدة خلال سبتمبر المقبل فإن الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان تشيس جيمي ديمون قد أشار الأربعاء الماضي إلى أنه لايزال يعتقد أن إحتمالات الهبوط السلس للإقتصاد الأمريكي أو مايعرف بالتباطؤ المحدود مازالت تتراوح بين 35% إلى 40 % مشيراً إلى أنه لديه شكوك بشأن قدرة الفيدرالي على خفض التضخم بنسبة تبلغ 2% بسبب الإنفاق المستقبلي على الإقتصاد الأخضر والجيش
حيث يرى أن هناك دائماً مجموعة كبيرة من النتائج مضيفاً
"أنا متفائل تماماً بأنه إذا كان لدينا ركود خفيف، حتى لو كان أكثر صعوبة، فسنكون بخير بالطبع، أنا متعاطف جداً مع الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم. أنت لا تريد هبوطاً حاداً".
بدورها فقد توقعت وكالة التصنيفات الإئتمانية الأمريكية "إس أند بي " في تقرير حديث لها أن يسفر إجتماع البنك الفيدرالي المزمع عقده في سبتمبر المقبل عن قرار بخفض أسعار الفائدة عند 25 نقطة أساس مما يشي بإستقرار الإقتصاد العالمي مع الميل إلى نمو أقل من الإتجاه السائد معتبرة أن ذلك النمو يمنح البنوك المركزية في الأسواق الناشئة مساحة أكثر مرونة للتخفيف من أسعار الفائدة .