محور فلادلفيا، الذي يُعرف أيضًا بممر صلاح الدين، يشكل شريطًا حدوديًا حيويًا يمتد بين قطاع غزة ومصر، يُعتبر هذا الممر نقطة حيوية في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث يلعب دورًا محوريًا في القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية. كما يمثل بؤرة توتر استراتيجية، حيث تتباين مواقف مصر وإسرائيل بشأنه، مما يجعله محورًا رئيسيًا في الديناميات الإقليمية.
في أعقاب توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، والتي أسفرت عن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، أُنشئت ترتيبات أمنية خاصة على الحدود بين سيناء وقطاع غزة، الذي كان تحت السيطرة الإسرائيلية آنذاك و رغم انسحاب إسرائيل من سيناء في عام 1982، بقي محور فلادلفيا تحت السيطرة الإسرائيلية لحماية أمنها ومنع تهريب الأسلحة عبر الأنفاق.
تغير الوضع بشكل ملحوظ بعد توقيع اتفاقية أوسلو في عام 1993، التي شكلت بداية السلطة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية. رغم ذلك، استمرت إسرائيل في التحكم الأمني بمحور فلادلفيا، ومع دخول العام 2005، ومع تنفيذ خطة فك الارتباط الإسرائيلية، تم نقل السيطرة على المحور إلى السلطة الفلسطينية تحت إشراف دولي، بما في ذلك نشر قوات حرس الحدود المصرية على الجانب المصري من المحور.
لكن، بعد سيطرة حركة حماس على غزة في عام 2007، تحول محور فلادلفيا إلى نقطة رئيسية لادخال الأسلحة حسب زعم اسرائيل والسلع عبر الأنفاق ما أدى ذلك إلى فرض إسرائيل حصارًا محكمًا على القطاع ورفع منسوب التوترات الأمنية بين مصر وإسرائيل.
تتمثل الأهمية الاستراتيجية لمحور فلادلفيا في جوانب متعددة. من الناحية الأمنية بالنسبة لإسرائيل فيعد المحور حاجزًا مهمًا يمنع تدفق الأسلحة إلى غزة، وهو ما قد تستخدمه الفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل، ويعزز كذلك الأمن المصري ضد انتشار الجماعات المسلحة في سيناء.
الخلاف بين مصر وإسرائيل حول محور فلادلفيا يعكس تباينًا كبيرًا في الاستراتيجيات الأمنية. ترى مصر أن السيطرة الكاملة على المحور يجب أن تكون تحت سيادتها لضمان أمنها القومي وتمنع التهريب. من جانبها، تصر إسرائيل على استمرار الترتيبات الأمنية المشددة وتطالب بوجود إشراف دولي لضمان عدم تهريب الأسلحة إلى غزة.
يُعتبر محور فلادلفيا عائقًا كبيرًا أمام أي اتفاق لوقف إطلاق النار بسبب عدة عوامل. أمنيًا، يُمثل المحور نقطة دخول رئيسية للأسلحة، مما يتطلب من إسرائيل ضمانات صارمة بشأن عدم تسليح الفصائل الفلسطينية. كما يتطلب دور مصر كوسيط تحسين تدابير ضبط المحور لضمان استقرار غزة، ولكن استمرار الأنفاق تحت المحور يعوق أي اتفاق طويل الأمد. السياسيون يتعاملون مع المحور كجزء من المشهد التفاوضي الأوسع، مما يجعل حل النزاع بشأنه أمرًا معقدًا يتطلب توافقًا دوليًا وإقليميًا شاملًا.
محور فلادلفيا هو أكثر من مجرد شريط حدودي؛ إنه تجسيد للتعقيدات الأمنية والسياسية في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. بينما تسعى كل من مصر وإسرائيل لتأمين مصالحهما الأمنية، يظل المحور نقطة خلاف رئيسية يتطلب حل قضايا المحور توافقًا واسعًا يعالج الأمن والأسباب الجذرية للصراع لضمان استقرار الوضع في غزة.