رعى نائب جلالة الملك، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، أمس، انطلاق قمة الأردن الثانية للأمن السيبراني 2024، التي ينظمها المركز الوطني للأمن السيبراني.
وتهدف القمة، التي تجمع سنويا رجال أعمال وخبراء متخصصين بالأمن السيبراني، إلى تعزيز حماية المؤسسات الرسمية والخاصة في الأردن، وتوفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار وداعمة للأعمال، فضلا عن تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني.
ويشارك في القمة، التي تستمر يومين، أكثر من 50 متحدثا من عدة دول، وتتضمن أكثر من 25 جلسة نقاشية وورشة عمل تناقش التحديات التي تواجه المؤسسات في مجال الأمن السيبراني.
وتسعى القمة إلى تنسيق جهود مكافحة الجرائم الإلكترونية العابرة للحدود، مثلما تبحث مجالات الابتكار في تقنيات الأمن السيبراني، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف التهديدات والاستجابة لها.
وأكد خبراء في مجال التقنية والأمن السيبراني خلال فعاليات القمة أمس أهمية بناء منظومة متماسكة تدعم الأمن السيبراني من جهة ووضع خطط استباقية وعلاجية لهجمات سيبرانية عالمية قد تحدث في أي لحظة من جهة أخرى.
وبين الخبراء أن هذه المنظومة تعتمد على توعية الناس من ناحية وحث المؤسسات وأصحاب القرار على استخدام التقنيات الحديثة لا سيما الذكاء الاصطناعي من ناحية أخرى ما يؤدي إلى تعزيز منظومة أمن سيبراني قوية في أي مؤسسة أو دولة.
وناقش الخبراء في القمة العديد من القضايا والمحاور منها التهديدات السيبرانية الناشئة وكيفية الاستجابة لها، والتعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني وسبل تعزيزه وآليات تبادل المعلومات حول التهديدات وتنسيق الجهود لمكافحة الجرائم الإلكترونية العابرة للحدود، بالإضافة إلى مناقشة قضايا الابتكار في تقنيات الأمن السيبراني بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في اكتشاف التهديدات والاستجابة لها".
وأكد رئيس المركز الوطني للأمن السيبراني م.بسام المحارمة في كلمته الافتتاحية على أهمية انعقاد قمة الأردن الثانية للأمن السيبراني في مجال التوعية، وفتح أبواب الحوار بين المسؤولين والخبراء والشباب للاطلاع على آخر مستجدات الأمن السيبراني.
وأشار إلى أهمية تطويع التقنيات الحديثة لتعزيز منظومة الأمن السيبراني في الأردن، والعناية بمجال التوعية للجميع هي عوامل أدرجت ضمن الإستراتجية الوطنية للأمن السيبراني التي جرى صياغتها مؤخرا من قبل المركز بالتعاون مع جميع الأطراف ذات العلاقة.
وقالن "قمة الأردن للأمن السيبراني تأتي انسجامًا مع الرؤية الملكية السامية الهادفة إلى جعل الأردن مركزًا إقليميًا في مجال التكنولوجيا، كما تهدف إلى تحويل المملكة إلى مجتمع معرفي مبتكر يمتلك القدرات والإمكانات المطلوبة لمواجهة تحديات الاقتصاد المعرفي العالمي".
وأشار إلى أن انعقاد القمة يُعد ترجمة عملية لتوجيهات سمو ولي العهد، التي تؤكد ضرورة تطوير منظومة الأمن السيبراني الوطنية، بهدف تعزيز حماية المؤسسات الرسمية والخاصة في المملكة وتوفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار وداعمة للأعمال.
وبين أن القمة تهدف إلى مواجهة التحديات المتزايدة في الفضاء الرقمي، وتعزيز التعاون الدولي لضمان فضاء إلكتروني آمن ومستقر للجميع، لافتا إلى أن القمة تكتسب أهمية استثنائية حقيقة في ظل تحديات متزايدة تواجه العالم في الفضاء السيبراني.
وقال المحارمة، "إن أهمية القمة تتجلى في عدة نقاط أهمها: توحيد الجهود العالمية في مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة، وتبادل الخبرات والمعرفة بين الخبراء والمتخصصين، والتعاون الإقليمي والدولي بتوفير منصة للحوار وتبادل الأفكار في مجال الأمن السيبراني، واستشراف مستقبل الأمن السيبراني والتحديات المحتملة التي تواجه العالم في السنوات المقبلة، وتطوير السياسات والتشريعات المتعلقة بالأمن السيبراني على المستويين الوطني والدولي من خلال مناقشة أفضل الممارسات والتجارب الناجحة".
وقال وزير الاتصالات الأسبق مروان جمعة في جلسة حوارية شارك بها في القمة يوم أمس، " التحول الرقمي في جميع انحاء العالم وفي كل القطاعات والانتشار المتزايد لخدمات الإنترنت واستخدامها من كل فئات المجتمع، هي فرصة كبيرة للمقرصنين ومساحة للهجمات السيبرانية التي لن تتوقف، وبالتبعية يجب علينا اليوم العمل بجد لتعزيز الأمن السيبراني ومن الجميع: حكومات، ومؤسسات، وأفراد".
وأكد جمعة على أهمية التوعية وتبني تقنيات وإستراتيجيات الأمن السيبراني من قبل أصحاب القرار لتصبح مكونا أساسيا في هياكل الشركات والمؤسسات والحكومات حتى لا نقع ضحية الهجمات السيبرانية المستمرة.
وأكد أن محور التوعية هو عامل أساسي اليوم لتثقيف الناس وأصحاب القرارات والمؤسسات والشباب ما يجنبنا الكثير من الخسائر في حال وقوعنا ضحية للقرصنة.
وأشار إلى أن على الحكومات أن تعي تماما بأن الأمن السيبراني يجب أن يكون مكونا أساسيا في إستراتيجية التحول الرقمي التي تنفذها، وعلى أصحاب القرار إدخالها وتبنيها بجد في إستراتيجيات عمل الشركات والمؤسسات حتى تصبح عملية التحول الرقمي مفيدة بعيدا عن خسائر القرصنة.
وأكد أهمية التعليم الأساسي والجامعي وإدراج وتعزيز موضوعة الأمن السيبراني في المناهج وفي استخدامات الطلبة للتقنية في حياتهم أو في مشاريعهم الريادية.
وأشار إلى أهمية قمة الأردن الثانية للامن السيبراني كمثال ناجح يجب تكراره مستقبلا والمواظبة عليه كونه يفتح مساحات حوار كبيرة أمام الجميع من متخصصين وغير متخصصين للاطلاع على مستجدات الأمن السيبراني والاستفادة من تجارب بعضنا البعض.
ومن جانبه أكد الرئيس التنفيذي لجمعية "إنتاج”، المهندس نضال البيطار، أن موضوع الاستثمار والتركيز من قبل الحكومات والمؤسسات على محور الأمن السيبراني في سياساتها ومكوناتها أصبح أمرا ضروريا اليوم وليس ترفا.
وشدد على اأهمية التوعية على مستوى الأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة واستخدام التقنيات الحديثة في تعزيز منظومة الأمن السيبراني لأي دولة وفي الأردن.
وقال البيطار "التقدم الذي أحرزه الأردن مؤخرا في مؤشر الأمن السيبراني العالمي يعد إنجازا جديدا لقطاع التقنية الأردني، والذي يجب البناء عليه والاستفادة منه، فيما يعكس سمعة طيبة للأردن وقطاع التقنية فيه حيث احتل الأردن المرتبة 27 عالميا من بين 194 دولة مقارنة بترتيبه وكان 71 عالميا في التقرير السابق.
وأكد أن تقدم الأردن في مؤشر الأمن السيبراني العالمي يعد انعكاسًا للجهود المتكاملة بين مختلف القطاعات، والتزام المملكة بالمسار الصحيح لتطوير بنيتها التحتية السيبرانية.
وأضاف البيطار "هذا التقدم يعد خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي للأمن السيبراني، ويؤكد فاعلية السياسات التي اتبعتها المملكة في هذا المجال، مما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين والمحليين".
ووفقا لجمعية " إنتاج" شهد السوق المحلي نمواً في عدد الشركات المتخصصة في تقديم حلول الأمن السيبراني، مع وجود أكثر من 50 شركة تعمل في هذا المجال، بعضها يتعاون مع شركات عالمية لتقديم خدمات متقدمة، بالإضافة إلى أن هناك العديد من الشركات العالمية لديها بالأردن مراكز عمليات المراقبة السيبرانية.
وتظهر أرقام "إنتاج" بأن هناك نحو 500 خريج من الجامعات الأردنية سنويا في تخصصات الأمن السيبراني.
وعلى صعيد متصل أكد كبير ضباط الأمن في مؤسسة " بالو التو نيتووركس" المتخصصة في مجال الأمن السيبراني حيدر باشا، بأنه يجب التركيز اليوم كثيرا على التقنيات الحديثة واستخدامها وتطويعها لخدمة الأمن السيبراني.
وقال باشا "على رأس هذه التقنيات التي يجب التركيز عليها ومتابعتها وتطويعها لخدمة الأمن السيبراني اليوم هو الذكاء الاصطناعي الذي يتطور بشكل متسارع اليوم حتى أننا نقترب عالميا من حاجز المليار مستخدم لتقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم". وأكد أنه كما يعمل الذكاء الاصطناعي على تسريع وتسهيل هجمات القراصنة والهاكرز يجب علينا تطويعه بشكل أمثل في جهتين: في رصد وكشف المبكر عن الهجمات السيبرانية، وفي معالجتها والتعامل معها كاستجابة بعد وقوعها.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي بكل تقنياته الحديثة أصبح يختصر الوقت ويوفر علينا الكثير من الجهد والوقت الذي كنا نبذله سابقا في إجراءات التطوير والحماية استباقيا ولاحقا في مجال الأمن السيبراني.
وقال "التوعية عامل مهم لتجنب الوقع ضحايا للقرصنة فالكثير من الناس اليوم ومن الموظفين في كافة المؤسسات يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي ويتيحون الكثير من البيانات دون وضع محددات أو احتياطات للقرصنة وهو ما يعرضهم للخطر، حيث أصبحت هذه البيانات الكثيرة والتطبيقات الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة للمقرصنين حول العالم".