نيروز: بداية، د. راشد، كيف تصف علاقتك بالفن التشكيلي، وكيف تأثرت حياتك المهنية بثقافة السودان وتراثه؟
د. راشد دياب: علاقتي بالفن التشكيلي هي علاقة انصهار بين الذات والبيئة. السودان بتنوعه الثقافي وعمق جذوره شكل منبعا ثريا للإلهام. التراث السوداني بالنسبة لي ليس فقط جزءا من الماضي، بل هو حي ينبض بالألوان والقيم، وهذا هو ما أحرص على تجسيده في أعمالي.
نيروز: تتميز أعمالك بتجسيد رشاقة المرأة السودانية وحركتها ضمن البيئة المحلية. ما الذي جذبك لهذا الموضوع تحديداً؟
د. راشد دياب: المرأة السودانية تمثل بالنسبة لي رمز الرقي والجمال، وتمثل جزءا أصيلا من ثقافتنا. في حركتها وأناقتها نجد انعكاسا لروح السودان، وأردت من خلال أعمالي أن أظهر هذه الرشاقة والأنوثة بتناسق الألوان الزاهية التي ترتديها، لتكون هذه اللوحات ليست مجرد صور، بل لقطات فنية تنبض بالحياة.
نيروز: كيف استطعت أن تطور بصمتك الخاصة في عالم الفن التشكيلي؟
د. راشد دياب: البصمة الفنية تأتي من فهم عميق للتراث ومحاولة مزجه بأسلوب عصري. قضيت سنوات أدرس التلوين والحفر في إسبانيا، لكنني عدت للتراث السوداني كمصدر أساسي. أعمل دائما على خلق توازن بين الأصالة والتجديد، وأعتقد أن هذا التمازج هو ما يميزني.
نيروز: بعد سنوات من الإبداع في السودان وخارجه، كيف ترى تأثير فنك على الجمهور العالمي؟
د. راشد دياب: وجدت أن الجمهور العالمي يتجاوب مع فنوننا إذا قدمناها بإحساس صادق. عندما يرى المشاهد الأجنبي لوحاتي ويستشعر قيم الجمال والكرم والروح السودانية، يشعر بالقرب منها. شاركت في معارض حول العالم، وشاهدت كيف يمكن للفن أن يكون جسرًا للتفاهم بين الثقافات.
نيروز: د. راشد، ما هي رسالتك للفنانين السودانيين الشبان الذين يسعون لإيصال فنهم للعالم؟
د. راشد دياب: رسالتي لهم أن يظلوا متمسكين بجذورهم. الإرث السوداني غني، ويجب أن يكون نقطة انطلاق للإبداع، وليس تقليدًا. الفن هو أداة للتعبير عن الهوية، لذا أدعوهم للبحث عما يميزهم وتقديمه للعالم بكل فخر وثقة.
نيروز: تحدثت عن الإرث الجمالي السوداني في أعمالك، ما الدور الذي يلعبه هذا الإرث في تشكيل رؤيتك الفنية؟
د. راشد دياب: الإرث الجمالي السوداني هو حجر الأساس في كل عمل أقدمه، فهو يجسد مزيجاً من الأصالة والألوان والرموز التي تشكل هوية السودان الثقافية. أرى أن الفن التشكيلي هو وسيلة لإبقاء هذا الإرث حياً، كأنه نحت على صخور الذاكرة. بالنسبة لي، كل لوحة تمثل جسراً يصل بين الماضي والحاضر، ويعيد تشكيل وجدان الناس بقيم التمازج والتواصل.
نيروز: نرى أنك تسلط الضوء على الألوان المتعددة المستوحاة من الطبيعة، هل هناك ألوان معينة ترمز لشيء خاص في أعمالك؟
د. راشد دياب: نعم، الألوان في أعمالي ليست عشوائية، بل تحمل دلالات مستوحاة من البيئة السودانية. الألوان الزاهية تعكس الفرح والطاقة، بينما الألوان الترابية تعبر عن الهدوء والتواضع الذي يتميز به المجتمع السوداني. هذه الألوان ليست فقط تعبيراً عن الطبيعة، بل هي تمثيل للروح السودانية في حياتها اليومية.
نيروز: حدثنا عن تجربتك في التدريس في إسبانيا، وكيف أثرت في مسيرتك كفنان؟
د. راشد دياب: التدريس في إسبانيا كان تجربة غنية جداً، فقد أتاح لي الاطلاع على مدارس فنية وأساليب جديدة، وعزز من فهمي للتشكيل والتلوين. لكن على الرغم من انفتاحي على ثقافات جديدة، كنت دائماً أشعر بضرورة العودة إلى تراثي السوداني كعنصر أساسي في فني. هذا التوازن بين التعلم والانتماء ساهم في تشكيل هويتي الفنية.
نيروز: كيف ترى مستقبل الفن التشكيلي السوداني في ظل العولمة والانفتاح الثقافي؟
د. راشد دياب: أنا متفائل جداً بمستقبل الفن التشكيلي السوداني، لأن العولمة تمنح الفنانين السودانيين فرصة لعرض أعمالهم على مستوى عالمي. لكن التحدي يكمن في المحافظة على الهوية الثقافية وعدم الانسياق وراء التأثيرات الخارجية. نحن بحاجة لفنانين يفهمون تراثهم ويجددون فيه ليبقى مميزاً وقابلاً للتواصل مع جمهور عالمي.
نيروز: كلمة أخيرة ترغب في توجيهها لمحبي فنك في السودان والعالم؟
د. راشد دياب: أود أن أشكر كل من دعمني وتابع أعمالي، وأقول لهم إن الفن هو لغة ناطقة بالمحبة والتواصل. أؤمن بأن الجمال موجود في كل زاوية، ومهمتي كفنان أن أترجم هذا الجمال إلى لغة يفهمها الجميع. أدعو الجميع للاستمتاع بالفن والبحث عن الجمال في تفاصيل الحياة، وأعدكم بأنني سأستمر في العمل لأقدم لكم أعمالاً تحمل روح السودان للعالم.