وصف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مهند هادي، الوضع في أحد أماكن النزوح شمال غزة بالبائس قائلا "هذا ليس مكانا يصلح لبقاء البشر على قيد الحياة، يجب أن ينتهي هذا البؤس وتتوقف الحرب، إن الوضع يتجاوز الخيال”.
وجاء حديث هادي مع أخبار الأمم المتحدة من مدرسة المأمونية التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مدينة غزة، والتي ما زالت مثل بقية المدارس قائمة، مع استمرار الحرب، وتعمل كمأوى لكل من يحاول العثور على الأمان في قطاع محاصر لا يوجد فيه أي مكان آمن.
وقال هادي خلال زيارته الأولى للمنطقة منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في شمال القطاع، إنه سمع قصصا مروعة من الناس الذين التقاهم في شمال غزة، مؤكدا أنه لا أحد يستطيع أن يطيق ما يمر به الناس في القطاع.
وقال "هؤلاء هم ضحايا هذه الحرب، هؤلاء هم الذين يدفعون ثمن هذه الحرب – الأطفال من حولي هنا، والنساء، وكبار السن”.
وأضاف "ما رأيته الآن يختلف تماما عما رأيته في شمال غزة في أيلول الماضي، في هذه المدرسة، كان 500 شخص يقيمون فيها، والآن هناك أكثر من 1500 شخص، هناك نقص في الغذاء، ومياه الصرف الصحي في كل مكان، وكذلك تنتشر النفايات والقمامة”.
ويقول تقرير الأمم المتحدة، إن منسق الشؤون الإنسانية قابل رجلا كان يحضر حساء العدس لعائلته في ذلك المأوى وهي المادة التي تم توفيرها من قبل (الأونروا)، وأن القدر الصغير الذي كان يحمله من المفترض أن يطعم 12 شخصا.
المسؤول الأممي زار أيضا مساحة تعلم مؤقتة تُسمى النيزك في شارع الجلاء المدمر، الذي أقيمت فيه أيضا خيام من أجل توفير الحد الأدنى من التعليم، ويشكل مكانا آمنا لأطفال الحي للتعامل مع الأهوال التي عاشوها منذ بدء الحرب في تشرين الأول من العام الماضي.
ويقدم 11 مدرسا ومدرسة في هذه المدرسة المؤقتة، بحسب تقرير الأمم المتحدة، دورات في اللغتين العربية والإنجليزية والرياضيات والعلوم والدعم النفسي والاجتماعي لـ 510 طلاب، تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات.
ووفق التقرير، فإن العديد من هؤلاء الطلاب كان من المفترض أن يكونوا في صفوف الروضة، ولكن الحرب حرمتهم من رؤية فصول دراسية حقيقية.
وقد التقى المسؤول الأممي بطفلة أخبرته أنها فقدت والديها ومنزلها في الحرب، وهي تعيش الآن بين أبناء عمومتها الذين أصبحوا هم أيضا أيتاما.
وقال : كانت مدرستي تقع بالقرب من مساحة النيزك للتعلم، ولكن مثل معظم المدارس في غزة، تم تدميرها بالكامل نتيجة القصف.
واخبرت الطفلة هادي، أنهم يطبخون الأرز في المنزل عندما تتاح لهم الفرصة، لكنهم يعتمدون في الغالب على المنظمات الإنسانية لتزويدهم بالوجبات
وخلال زيارته لمقر جمعية أطفالنا للأطفال الصم، قام الطلاب بتعليم منسق الشؤون الإنسانية لغة الإشارة، اذ توفر الجمعية دروسا في اللغتين العربية والإنجليزية والرياضيات والعلوم والتربية البدنية والفنون لـ 35 طالبا، فيما يعلم الطلبة بعضهم البعض كيفية التعامل مع إعاقتهم الجديدة بعدما فقدوا سمعهم بسبب القصف المكثف.
ووفقا لقادة 15 منظمة إنسانية أممية ودولية، فإن جميع الفلسطينيين في شمال غزة معرضون لخطر الموت الوشيك بسبب المرض والمجاعة والعنف، في ظل شح المساعدات الإنسانية، وعدم مواكبتها حجم الاحتياجات بسبب القيود المفروضة على وصولها الى القطاع، وعدم توفر السلع الأساسية المنقذة للحياة.
وقال رؤساء الوكالات إن العاملين في المجال الإنساني ليسوا آمنين للقيام بعملهم، وإن القوات الإسرائيلية، تمنعهم من الوصول إلى المحتاجين، في ظل انعدام كامل للأمن.
ومنذ بدء الحرب في تشرين الأول عام 2023، قُتل أكثر من 43 ألف فلسطيني وأصيب مائة ألف بجراح، وفقا لوزارة الصحة في غزة، في الوقت الذي تقدر فيه الأمم المتحدة أن أكثر من 1.9 مليون شخص نزحوا قسرا من منازلهم داخل القطاع المغلق، وفر العديد منهم من مكان غير آمن إلى آخر عدة مرات.