الى من هي كل الحياة،، الى كل أم غالية، الى كل إمرأة صلبة كمرساة سفينة أبحرت وتعمقت وقاومت تلك الأمواج الهائجة وصممت على المضي ولم تقبل تنزل أشرعتها وواجهت أمواج وهيجان البحر وحدها حتى صارت أمّاً حقيقية دون خوف أو تردد.
قد تجد هذه المرأة القوية والأنثى الناعمة بفترة من الفترات أن نفسها غير قادرة على تملك الرفاهية وأوقات الإختيار، أو تجد أنها غير معنية بما يجري حولها من ترفيه وراحة نفسية وأن همها الوحيد هو أن تعطي وتعطي فقط من دون حسابها لقيمة عطائها أي كأن هذه الأنثى قد نسيت نفسها لدرجة انها أجبرت ذاتها على تقمص دور المقاتل لأجل عائلتها وبدون أن تنتبه، فنحن قد نراها تارة تخوض معارك الحياة بدون توقف وإستراحة، ونراها تارة أخرى وقد بترت مشاعر السعادة التي تحملها في قلبها كإنسانة أقتصر دورها على الأمومة العظيمة التي لم يقدر على حملها الا الأنثى.
من هنا أقول، قد تتظاهر الأم أمامنا أنها بخير، تجلس بهدوء، تبتسم للجميع لتجعلنا سعداء لكن في داخلها ربما تكون تنزف ألماً وقهراً بعد أن أشعرتنا أنها سعيدة، لِمَ تضطر تفعل ذلك إلا لأنها كانت تشع في صباها بالأنوثة والحيوية وكانت كأي بنت تحلم أن تصبح سيدة مجتمع بمعناه الرقيق؟ لكن تم كل هذا، بعد أن أغرقت نفسها بمشاكل الجميع ونسيت تحقق حلمها.
تكاد السنون تمحي ملامح مثل هذه الأم الجميلة لأن جريها هو وراء تحقيق أهداف غيرها، فقد كانت في كل يوم ترسم لهم جمال الحياة كما تراه، فما العمل إذن؟ إذا كان بعض من حولها لا يرحم، لا يعترف بحقها وجهد عمرها الذي نسيت أن تعيشه لنفسها وعاشته لأجلهم؟ هي الأن تحلم لو بالقليل من الهدوء والراحة والنوم العميق، وكأن لم ببق أمام هذه الأنثى الرقيقة حلم تنتظره الا تضحيتها لكونه بحسب رأيهم، واجباً عليها.
فإلى هذه الأم، والى كل أم، الف تحية وتقدير، تستحقين منا والله الكثير من التقدير، وحقك علينا أن نخصص لك مساحة مملوءة بالسعادة وراحة لنفسك فقط، ويكفك يا أماه عظمتك.