في ذكرى رحيل الفارس البدوي الأصيل، الشيخ فيصل بن جازي، نستذكر شخصية استثنائية طبعت اسمها في تاريخ الأردن. وُلد وترعرع بين أكناف البادية الأردنية، ليصبح زعيمًا وشيخ مشايخ قبيلة الحويطات، وقاضي القلطة، وأمير الجنوب الأردني.
كان الشيخ أبو غازي، رحمه الله، قريبًا من القلوب ومن العائلة الهاشمية، وعلى وجه الخصوص الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه. كان بيته مقصدًا لكل من طرق بابه، سواء كان ضعيفًا أم قويًا، قريبًا أم بعيدًا.
ترك الشيخ فيصل بن جازي خلفه إرثًا طيبًا وسيرة عطرة، نعتز بها ونفتخر. واليوم، بعد مرور ربع قرن على رحيله، يظل اسمه حاضرًا في الذاكرة الوطنية، رمزًا للشهامة والكرم وقيادة البادية.
كان الشيخ فيصل بن جازي نموذجًا حيًا للقيم الأردنية الأصيلة، التي تجسدت في مواقفه الإنسانية والوطنية. لم يكن مجرد زعيم قبيلة، بل كان شخصية وطنية بارزة ساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية والمحافظة على القيم والتقاليد البدوية، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من هوية الأردن.
عُرف الشيخ فيصل بحنكته السياسية وحنانه الإنساني، حيث كان يحمل على عاتقه هموم أبناء قبيلته والبادية الأردنية عامة، مما جعله رمزًا للقوة والعدل في آنٍ واحد. كان قاضي القلطة الذي يلجأ إليه الجميع لحل النزاعات، وصوت الحكمة الذي يهدئ الخلافات.
ارتبط اسم الشيخ فيصل بالعائلة الهاشمية، وامتدت علاقته بالملك الحسين، طيب الله ثراه، لتكون علاقة مبنية على الاحترام المتبادل والثقة. وقد شهدت هذه العلاقة أسمى معاني الوفاء والانتماء للوطن وقيادته الهاشمية.
في الذكرى الخامسة والعشرين لرحيله، يبقى الشيخ فيصل بن جازي مدرسة للأجيال القادمة، نتعلم منها معاني القيادة، والكرم، والوفاء. فإرثه العريق ليس فقط حكاية عن الماضي، بل هو نبراس يضيء طريق الحاضر والمستقبل. رحم الله أبا غازي، وجعل ذكراه خالدة في قلوب الأردنيين جميعًا.