علق الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط" على التطورات الأخيرة في سوريا، مشيرًا إلى سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على مدينة حلب وعدد من البلدات في شمال غرب البلاد، مما يفتح جبهات جديدة في النزاع المستمر.
الراشد وصف الأحداث التي تجري في حلب بـ"اكتساح حلب" حيث أشار إلى استخدام "درونز" ودبابات ومدرعات، إلى جانب آلاف المسلحين الذين تمكّنوا من السيطرة على ثاني أكبر مدينة في سوريا خلال يومين فقط.
كما تم الاستيلاء على أربعين بلدة وقطع الطرق السريعة، فضلاً عن احتلال المطار والمراكز الحكومية ونهب مخازن الأسلحة. هذه التطورات، وفقًا للراشد، جعلت المنطقة تتجاهل أزمات مثل حرب غزة ولبنان لتدخل في حرب جديدة تُنذر بعواقب إقليمية ودولية خطيرة.
وأكد الكاتب على تداعيات هذه الأحداث التي لا تقتصر على سوريا فقط، بل تؤثر في دول الجوار. ففي العراق، تم إعلان حالة الاستنفار، بينما انتقدت إيران استهداف قواتها في سوريا.
أما إدارة الرئيس بايدن فقد أبدت مفاجأتها من التطورات، بينما أعلنت روسيا عن مشاركتها العسكرية في قصف مواقع المسلحين.
وفيما يتعلق بالأطراف الرئيسية في "أزمة حلب"، أكد الراشد أن دمشق وأنقرة هما الأكثر تأثيرًا، ولكنهما لم يتخذا خطوات حاسمة لاحتواء الوضع المتصاعد.
وأوضح أن تركيا نفت تدخلها المباشر في العمليات العسكرية، لكن وزير الدفاع التركي شدد على أهمية الحوار مع حكومة الأسد من أجل تسوية سياسية تحفظ أمن سوريا وتجنب تدخل الجماعات الإرهابية في مستقبلها.
وأشار الكاتب أيضًا إلى أن الوضع يخرج عن السيطرة مع تدفق الجماعات المسلحة إلى مناطق المعارك شمال غرب سوريا، إضافة إلى إعادة تموضع القوات الإيرانية على الحدود الجنوبية لحلب، وتحشيد عراقي على الحدود، وهو ما يفتح الباب لنظريات المؤامرة حول وجود تدخلات خارجية في الأحداث الجارية، مثل اتهام تركيا بتحريك الفصائل المسلحة أو إيران و"حزب الله" بالسعي لحماية مصالحهما في سوريا.
وتطرق الراشد إلى مخرجات مؤتمر سوتشي الذي عقد قبل ست سنوات، مؤكدًا أن الحل الدائم للأزمة السورية يتطلب تأكيد سيادة واستقلال سوريا، بالإضافة إلى ضرورة خروج كافة القوى الأجنبية من البلاد.
كما أشار إلى معاناة ملايين اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، الذين يواجهون أوضاعًا إنسانية صعبة، وهو ما يزيد من التوترات في المنطقة.
الراشد اختتم مقاله بالتأكيد على أن الجماعات المسلحة المتطرفة ستظل نشطة ما لم تتوصل الدول المعنية إلى توافق حقيقي، مشيرًا إلى أن الوضع العسكري قد يمتد ليعيد الفصائل إلى السيطرة على مناطق واسعة في سوريا كما كان الحال في عام 2015، مما يعيد البلاد إلى نقطة الصفر.