أثار الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرج؛ ضجة عارمة بتصريحاته حول إلغاء استخدام "مدقّقي الحقائق" المستقلين لمراجعة المحتوى عبر "فيسبوك" و"إنستجرام".
وقدَّمت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريراً شاملاً حول ما وصفته بـ"ثورة ميتا" العارمة، التي ستجعلها أقرب في توصيات مراجعة المحتوى من منصة "إكس" (تويتر سابقاً) المملوكة للملياردير الأمريكي المثير للجدل إيلون ماسك.
وتنوي "ميتا" استبدال "مدقّقي الحقائق" في فيسبوك وإنستجرام بـ"ملاحظات المجتمع" كتلك المستخدمة في "إكس"، حيث يُترك التعليق على دقة المنشورات للمستخدمين.
وفي مقطع فيديو نُشر جنباً إلى جنبٍ مع منشور على مدونة للشركة، قال زوكربيرج؛ إن المشرفين الخارجيين "متحيزون سياسياً للغاية" وإن "الوقت قد حان للعودة إلى جذورنا فيما يتعلق بحرية التعبير".
تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يسعى فيه زوكربيرج وغيره من المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، إلى تحسين العلاقات مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب؛ قبل توليه منصبه في وقتٍ لاحقٍ من هذا الشهر.
وانتقد ترامب وحلفاؤه الجمهوريون شركة ميتا بسبب سياستها للتحقق من الحقائق، ووصفوها بأنها رقابة على الأصوات اليمينية.
وفي حديثه بعد الإعلان عن التغييرات، قال ترامب في مؤتمر صحفي: إنه أُعجب بقرار زوكربيرج، وإن "ميتا" قطعت شوطاً طويلاً.
ورداً على سؤالٍ عمّا إذا كان زوكربيرج "يرد بشكلٍ مباشرٍ" على التهديدات التي وجّهها إليه ترامب في الماضي، أجاب الرئيس الأمريكي القادم: "ربما".
وكتب جويل كابلان؛ وهو جمهوري بارز يحل محل نيك كليج؛ كرئيس للشؤون العالمية في "ميتا"، أن اعتماد الشركة على الوسطاء المستقلين كان "حسن النية"، لكنه أدّى في كثيرٍ من الأحيان إلى فرض الرقابة.
وكان رد فعل الناشطين ضدّ خطاب الكراهية على الإنترنت فزعاً تجاه التغيير، وأشاروا إلى أن الدافع وراء ذلك هو الوقوف على الجانب الصحيح من ترامب.
حيث قالت آفا لي؛ من منظمة "جلوبال ويتنس"، وهي مجموعة حملة تصف نفسها بأنها تسعى إلى محاسبة شركات التكنولوجيا الكبرى: "إن إعلان زوكربيرج هو محاولة صارخة للتقرُّب من إدارة ترامب القادمة - مع ما يترتب على ذلك من آثار ضارّة".
وتابعت بقولها "الادعاء بتجنُّب الرقابة هو تحرُّك سياسي لتجنُّب تحمُّل المسؤولية عن الكراهية والمعلومات المضللة التي تشجعها وتسهلها المنصات".
برنامج التحقّق
يقوم برنامج "التحقّق من الحقائق" الحالي الذي تستخدمه "ميتا"، بإحالة المنشورات التي تبدو كاذبة أو مضللة، إلى المنظمات المستقلة لتقييم مصداقيتها.
ويمكن أن تحتوي المشاركات التي تمَّ وضع علامة عليها على أنها غير دقيقة على تصنيفات مرفقة بها تقدّم للمشاهدين مزيداً من المعلومات، ويتم نقلها إلى مستوى أدنى في خلاصات المستخدمين.
وسيتم الآن استبدال عبارة "في الولايات المتحدة أولاً" بملاحظات المجتمع.
وتقول "ميتا"؛ إنها "ليس لديها خططٌ فورية" للتخلص من مدقّقي الحقائق التابعين لجهاتٍ خارجية في المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن نظام "ملاحظات المجتمع" الجديد تمَّ استنساخه من نظامٍ مماثلٍ اشتراه "ماسك" وأعاد تسميته واستخدامه لمنصة "إكس".
وبعد أن أُثيرت مخاوف بشأن المحتوى الذي يسبّب إيذاء النفس والاكتئاب، أوضحت "ميتا" أنه "لن يكون هناك أيُّ تغييرٍ في كيفية تعاملنا مع المحتوى الذي يشجع على الانتحار، وإيذاء النفس، واضطرابات الأكل".
من جانبها، قالت منظمة "التحقّق من الحقائق – فول فاكت"، التي تشارك في برنامج فيسبوك للتحقق من المنشورات في أوروبا: إنها "تدحض مزاعم التحيُّز" الموجّهة ضدّ مهنتها.
ووصف الرئيس التنفيذي للهيئة، كريس موريس؛ التغيير بأنه "مخيبٌ للآمال وخطوةٌ إلى الوراء من شأنها أن يكون لها تأثيرٌ مروّعٌ في جميع أنحاء العالم".
إلى جانب مشرفي المحتوى، يصف مدقّقو الحقائق أنفسهم أحياناً على أنهم خدمات الطوارئ على الإنترنت.
لكن رؤساء "ميتا" خلصوا إلى أنهم يتدخلون أكثر من اللازم.
وقال جويل كابلان: "يتم فرض رقابة على كثيرٍ من المحتوى غير الضار، ويجد كثيرٌ من الأشخاص أنفسهم محبوسين بشكلٍ خاطئ في سجن فيسبوك، وغالباً ما نكون بطيئين جداً في الاستجابة عندما يفعلون ذلك".
ولكن يبدو أن "ميتا" تعترف بوجود بعض المخاطر، حيث قال زوكربيرج في مقطع الفيديو الخاص به: إن التغييرات ستعني "مقايضة".
وأضاف: "هذا يعني أننا سنلتقط عدداً أقل من الأشياء السيئة، لكننا سنخفض أيضاً عدد منشورات وحسابات الأشخاص الأبرياء التي نحذفها عن طريق الخطأ".
ويتعارض هذا النهج أيضاً مع التنظيم الأخير في كل من بريطانيا وأوروبا، حيث تضطر شركات التكنولوجيا الكبرى إلى تحمُّل مزيدٍ من المسؤولية عن المحتوى الذي تنقله أو تواجه عقوبات شديدة.