في كل موسم من مواسم مهرجان جرش، يتجدد السؤال المؤلم: لماذا يُعامل الفنان الأردني كأنه ضيف ثقيل على أرضه، بينما يُفرش البساط الأحمر للفنان القادم من الخارج؟ ولماذا يُهرع بعض الصحفيين لتغطية مؤتمرات الفنانين العرب، بينما يغيب الاهتمام، بل والاحترام، عند الحديث عن الفنان المحلي؟
ما حدث في النسخة الأخيرة من مهرجان جرش أعاد تسليط الضوء على هذه الإشكالية المزمنة. فالفنانة الكبيرة ميادة الحناوي لم تكن بحاجة لمقدمة صحفية طويلة أو تعريف، ولكن اللافت أن من كان بانتظارها ليست وسائل الإعلام الأردنية فحسب، بل فنانون عرب جاؤوا لاستقبالها! مشهد يطرح سؤالًا منطقيًا: أين الفنانون الأردنيون في مشهد تكريم كهذا؟ ولماذا لا نشهد هذا الحضور الحميم في مؤتمرات أبناء الوطن؟
أما المشهد الآخر الذي لا يقل غرابة، فكان في انتظار بعض الصحفيين للفنانة أحلام رغم تأخرها الطويل عن موعد المؤتمر الصحفي. وهنا لا عتب على أحلام كفنانة لها جمهورها، بل العتب كل العتب على الصحفيين الذين قبلوا بتجاهل التوقيت، وكأن الوقت لا قيمة له حين يتعلق الأمر بفنان "غير أردني". هذا في وقت يتم فيه تجاهل مؤتمرات الفنانين الأردنيين بالكامل، أو تُغطى ببرود لا يليق بحجم التجربة والعطاء.
هذا الاستهتار بالفنان الأردني لم يعد مجرد هفوة أو تقصير فردي. هو صورة متكررة من التهميش الإعلامي والتقليل من شأن التجارب الفنية الوطنية. فهل المطلوب أن يهاجر الفنان الأردني، أو أن يصبح ضيفًا على بلده، كي يحظى باحترام إعلام بلده؟
على الإعلام الأردني – وخصوصًا الصحافة الثقافية والفنية – أن تراجع أولوياتها، وتعيد النظر في منهجية التغطية. الفنان الأردني هو مرآة الوطن وصوته. تجاهله لا يسيء له فقط، بل يسيء للهوية الفنية الأردنية، ويزرع في أذهان الأجيال القادمة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج.
آن الأوان لنقولها بصراحة:
احترام الفنان الأردني يبدأ من احترام مواعيده ومؤتمراته.
والرقي الإعلامي لا يُقاس بعدد الصور مع الفنانين العرب، بل بقدرتنا على بناء نجم من تراب هذه الأرض.