قانون التنفيذ الأردني كان، ولسنوات طويلة، يسمح بحبس المدين الممتنع عن السداد، وكان يُعتبر أداة ضغط قانونية قوية بيد الدائن.
لكن بعد تعديل المادة (22) من قانون التنفيذ في عام 2022، تم إلغاء حبس المدين في الديون المدنية ضمن شروط معينة.
هذا التعديل أثار جدلاً واسعًا في الأوساط القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فهل سنصبح أمام جرم استيفاء الحق بالذات؟
لقد أُلغيت العقوبة السالبة للحرية بموجب هذا التعديل، مع وجود استثناءات لم يشملها الإلغاء، مثل الحقوق العمالية وعقود الإيجار.
يبقى السؤال: هل الهدف من التعديل هو تخفيف الاكتظاظ في السجون؟
أم أن الحبس في الأصل لا يعالج مشكلة الدين (فالمال لا يُدفع من السجن)؟
برأيي، لو بقى الحبس ساريًا كما كان سابقًا، لكان الخوف لا يزال يرافق المدين، مما يجبره على السداد.
أما الآن، فلم يعد المدين خائفًا من الحبس، وبعضهم يتعمد عدم الوفاء بالدين مستغلًا التعديل، مما أفقد الدائن وسيلة قانونية قوية كان يعتمد عليها في السابق.
قبل التعديل، كان الحبس عقوبة سالبة للحرية تطبق إذا زاد الدين عن 5 آلاف دينار، وكانت تشكل وسيلة ضغط حقيقية، أما الآن، فقد انعكس الوضع لصالح المدين.
وبرأيي، فإن العقوبات البديلة مثل المنع من السفر أو الحجز على الأموال ليست كافية، ولا تُعد بديلاً مناسبًا يجبر المدين على الوفاء بالتزاماته.
وقد جاءت المادة 22/و في البند الأول واضحة:
١. لا يجوز حبس المدين اذا عجز عن الوفاء بألتزام تعاقدي، بأستثناء عقود الإيجار والحقوق العمالية.
٢. تسري أحكام البند (1) من هذه الفقرة بعد مرور ثلاث سنوات على تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون.
مما يوضح أن المشرّع أعلن عن هذه الأحكام منذ ثلاث سنوات، فلماذا لم يتم الاعتراض عليها طيلة تلك المدة؟
في الختام، احتمال ارتكاب جرم استيفاء الحق بالذات وارد وممكن، خصوصًا مع فقدان الدائن وسيلة الحبس في غير حالات الاستثناء.
المحامي عبدالرحمن عودة - باحث قانوني مهتم بالشؤون القانونية والسياسية.