يُعتبر الإعلام اليوم من أهم الركائز الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات الحديثة، فهو المرآة التي تعكس قضايا الناس، والوسيلة الفاعلة لنشر المعرفة وبناء الوعي.
لم يعد الإعلام مجرد ناقل للأخبار والأحداث، بل أصبح شريكًا استراتيجيًا في تشكيل الرأي العام وصناعة القرار على المستويين المحلي والعالمي.
الإعلام هو عملية نقل المعلومات والأفكار والحقائق من مصادرها إلى الجمهور عبر وسائط متنوعة، تشمل الصحف، الإذاعة، التلفزيون، وصولًا إلى الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي. وتتنوع وظائفه بين التثقيف، من خلال تقديم محتوى معرفي يرفع من وعي الأفراد ويمكّنهم من فهم قضايا حياتهم اليومية، إلى الإخبار الذي ينقل الأحداث المحلية والعالمية بسرعة ودقة، ما يجعل المواطن مطلعًا على كل جديد. كما يقوم الإعلام بوظيفة التسلية عبر البرامج الفنية والترفيهية التي تضيف بُعدًا نفسيًا واجتماعيًا للحياة، ويؤدي دور الرقابة من خلال مساءلة المؤسسات وكشف مواطن الخلل والفساد، وهو ما يعرف بدور "السلطة الرابعة".
ومع تأثير الإعلام في صياغة المواقف والسلوكيات، أصبح من الضروري التمسك بأخلاقياته، التي تُلزِم الصحفيين والمذيعين بتقديم الحقيقة واحترام كرامة الإنسان، إلى جانب ضمان حق الجمهور في المعرفة. فالإعلام قادر على تعزيز القيم الإيجابية مثل الوحدة والتسامح، وفي المقابل، يمكن أن يسهم في نشر التحيز والشائعات إذا غاب الالتزام بالموضوعية والحياد.
وفي ظل التطور التكنولوجي المتسارع، دخل الإعلام مرحلة جديدة، عنوانها التفاعلية والسرعة، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تمكّن كل فرد من أن يكون ناقلًا للمعلومة أو حتى صانعًا للحدث. هذا التطور فتح آفاقًا واسعة للتأثير، لكنه في الوقت نفسه خلق تحديات كبيرة، أبرزها انتشار الأخبار الكاذبة والمحتوى المضلل.
إن الإعلام، بمختلف وسائله التقليدية والحديثة، سيبقى عنصرًا أساسيًا في بناء المجتمعات وتطورها. وفاعليته مرهونة بمدى التزامه بالمصداقية والموضوعية، وبقدرته على الموازنة بين حق الجمهور في المعرفة وحماية القيم الإنسانية، ليظل عنصرًا مؤثرًا في رسم المستقبل وصناعة المجتمعات الواعية والمستنيرة.