المهندس
عاهد عبيدات يكتب ... فخراً واعتزازاً بالمهندسة الزراعية فداء الروابدة
نيروز- بقلم: المهندس عاهد عبيدات
رئيس
تعاونية كفرسوم الزراعية لمنتجي الرمان
منذ
سنوات وأنا أتابع باهتمام بالغ ما تكتبه وتطرحه المهندسة الزراعية الفذّة فداء الروابدة
(أم قيس)، التي استطاعت أن تجعل من الكلمة أداة بناء لا مجرد سطور تُقرأ وتُطوى. كتاباتها
ليست عابرة، بل تحمل رؤية واضحة، وإيماناً راسخاً بأن الزراعة في الأردن ليست قطاعاً
هامشياً، بل ركيزة أساسية للتنمية، وأداة للحفاظ على الهوية الوطنية والذاكرة الجماعية.
في
مقالها الأخير بعنوان: "السياحة الزراعية في الأردن رافد للحفاظ على التراث الزراعي"،
قدّمت الروابدة مثالاً يُحتذى به في كيفية الربط بين الماضي والحاضر والمستقبل. فهي
لم تكتب لتوثيق فكرة نظرية، بل وضعت أمامنا خريطة طريق عملية، تجمع بين البُعد الاقتصادي
الذي يفتح أبواب الرزق للأسر الريفية، والبُعد الثقافي الذي يحافظ على العادات والحِرف
والقصص الشعبية، والبُعد البيئي الذي يعزز استدامة الأرض والمياه، والبُعد الاجتماعي
الذي يعيد الاعتبار لدور المرأة والشباب في خدمة قراهم ومجتمعاتهم.
لقد
سلطت الضوء على التحديات الكبرى التي تعترض هذا المسار، مثل ضعف البُنى التحتية في
القرى الريفية، وغياب التسويق الرقمي العصري، والحاجة إلى حملات توعية تعزز ثقافة السياحة
الزراعية لدى المجتمع المحلي والزوار. لكنها لم تتوقف عند حدود التشخيص، بل قدّمت حلولاً
واقعية قابلة للتطبيق، نابعة من خبرتها الميدانية واطلاعها الواسع، لتؤكد أن التغيير
يبدأ من الرؤية والعمل معاً.
إن
ما يميّز المهندسة الروابدة أنها لا تكتب فقط بل تدعو وتبادر وتُلهم. فهي صوتٌ صادق
للأرض، ورسول أمل للناس، ورسالة عملية للجهات الرسمية والمجتمعية بأن الاستثمار في
الزراعة والسياحة الزراعية ليس ترفاً، بل خيار استراتيجي ينسجم مع أولويات الأمن الغذائي
والتنمية المستدامة.
ولعل
أجمل ما شعرت به شخصياً كمهندس ورئيس تعاونية زراعية، هو اعتزازي الكبير عندما قرأت
إشارتها الكريمة لتعاونية كفرسوم الزراعية لمنتجي الرمان ضمن مقالها. ذلك التكريم المعنوي
يعبّر عن شخصيتها الوطنية الأصيلة التي تقدّر جهود المزارعين والهيئات التعاونية، وتمنحهم
مساحة مستحقة من الضوء، إدراكاً منها أن هذه التجارب الصغيرة المتناثرة هي اللبنة الحقيقية
في صرح الاقتصاد الوطني.
إن
عطوفة المهندسة فداء الروابدة، بما تملكه من فكرٍ متقد وإيمانٍ راسخ بالزراعة والبيئة
والإنسان، تمثل نموذجاً مشرفاً للعقل الأردني المبدع، القادر على أن يجمع بين العلم
والعمل، بين الفكر والممارسة، بين الانتماء للوطن والرؤية الكونية الأوسع.
فشكراً
لها على جهدها المتواصل، وعلى حضورها الفاعل، وعلى كلماتها التي تتحول إلى مشاريع،
وأفكارها التي تتجسد في أرض الواقع. شكراً على صوتها الذي يعكس حبها للأرض والناس،
ويُعيد للأجيال القادمة الثقة بأن الزراعة ليست مجرد مهنة، بل رسالة وهوية وكرامة.
وأسأل
الله أن يُبارك خطواتها، وأن يمدّها بالقوة والعزم لمواصلة هذا الطريق النبيل، خدمةً
للوطن وأهله، وصوناً لمستقبل أردني أكثر خضرة وازدهاراً.