خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة... صوت الحق الذي لا يعلو عليه
في زمن ازدحمت فيه المنابر بالشعارات الفارغة، جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ليعلو فوق كل الأصوات، صوتاً صادقاً، صريحاً، مخلصاً، لا يهادن ولا يساوم. خطابٌ لم يكن مجرد كلمات دبلوماسية عابرة، بل كان نبض أمة بأسرها، وإرث هاشمي متجذر في وجدان الأردنيين، وصرخة حق من أجل فلسطين وغزة التي ترزح تحت العدوان المستمر.
لقد عبّر الملك عبد الله الثاني عن ضمير الإنسانية وهو يضع العالم أمام مسؤوليته التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن الصمت لم يعد خياراً، وأن التخاذل عن وقف المجازر في غزة هو تواطؤ مع آلة القتل والدمار. لقد أوصل الملك رسالةً لا يستطيع إيصالها أحد سواه، لأنها خرجت من قلبٍ هاشمي يحمل همّ فلسطين كما يحمل همّ الأردن، ويستند إلى تاريخ ممتد من الوصاية والرعاية والالتزام المقدس تجاه القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
إن الدور الهاشمي الذي جسّده هذا الخطاب ليس طارئاً ولا موسميّاً، بل هو نهجٌ ثابت منذ الثورة العربية الكبرى وحتى يومنا هذا. الأردن بقيادته الهاشمية لم يتخلّ يوماً عن فلسطين، ولم يساوم على حقوق شعبها، فكانت عمّان دوماً الحضن الدافئ للفلسطينيين، وكانت دماء الأردنيين ممزوجة بدماء إخوانهم في معارك الكرامة والصمود.
وليس غريباً أن يلتف الأردنيون جميعاً – قيادةً وحكومةً وشعباً – خلف موقف جلالته، فالأردنيون يعرفون أن الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن أنفسهم، وأن القدس ليست مجرد مدينة، بل عقيدة وهوية وتاريخ. لقد عبّر الملك عن لسان كل أردني حر، وكل عربي أصيل، حين قال بوضوح إن العدوان لا يمكن أن يستمر، وإن الاحتلال لا يمكن أن يكون قدراً أبدياً.
اليوم، أثبت الأردن مرة أخرى أنه صوت العرب في المحافل الدولية، وأن قيادته الهاشمية هي الدرع الحامي للقدس، والرافعة للحق الفلسطيني، مهما كانت الضغوط، ومهما تعددت التحديات. خطاب الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان وثيقة تاريخية ستظل شاهداً على أن في هذه الأمة قائداً لا يساوم على الحق، ولا يخذل الأشقاء، ولا يخشى في قول الحقيقة لومة لائم.