يمر الأردن، كما هو حال الإقليم بأسره بمرحلة دقيقة تتشابك فيها التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية. ولكي يبقى قادراً على الصمود والثبات فهو بحاجة إلى تضافر الجهود، وتمسّك الأردنيين بثوابتهم وقيمهم الوطنية. فدعم الوطن اليوم ليس ترفاً ولا خياراً مؤجلاً، بل هو واجب يفرضه الانتماء الصادق والوفاء للأرض التي تحتضننا جميعاً.
وأول أبواب الدعم يبدأ من الحفاظ على الوحدة الوطنية، فهي السد المنيع في مواجهة الأخطار. ولا يجوز السماح لخطاب الفتنة أو التمييز أو الاستفزاز أن يستمر بشق الصف الداخلي. وهنا لا بد من مواجهة بعض الأصوات التي فُرضت على الإعلام بإرادة من مسؤولين في الدولة، وقدّمت نفسها بصفة وطنية بينما هي أبعد ما تكون عن الوطنية، إذ تسعى إلى بث الإحباط وزرع الشكوك بين الناس. وهؤلاء لا بد من تحييدهم وإنهاء نفوذهم، بعد أن ضُيّقت المنابر الوطنية الحقيقية وأُغلقت أمام أصحاب الكلمة الصادقة ظلماً وبهتاناً.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن الاعتماد على الذات لم يعد خياراً مؤجلاً، بل هو واجب وطني ملحّ. ويتحقق ذلك بمحاربة الفساد بالأفعال لا بالشعارات، وتشجيع الإنتاج الوطني، وإعطاء الشباب الفرصة ليكونوا قوة بناء حقيقية، بدلاً من أن تبقى طاقاتهم مهدورة على أبواب البطالة والانتظار.
وفي ظل هذا المحيط الملتهب، تبقى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية السند الأول لحماية استقرار الأردن وسيادته. ومن واجب الجميع الوقوف خلفها ودعمها، فهي الحصن المنيع الذي يذود عن الوطن ويصون أمنه.
كما أن على النخب الوطنية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية، وذلك بتمييز الصادق من المنافق، وهو واجب الدولة قبل أي طرف آخر. فالمرحلة لا تحتمل المجاملة ولا التزييف، بل تتطلب تمكين أصحاب الكفاءة والضمير لتصدر المشهد، وفسح المجال أمام النقد البنّاء والحلول الواقعية، بدلاً من الاكتفاء بالتشخيص أو إثارة الاستقطاب بين أبناء الشعب الواحد.
وأخيراً، يبقى التكافل الاجتماعي عنوان المرحلة؛ فلا صمود بلا عدالة، ولا أمن بلا تضامن بين أبناء الوطن الواحد. فالأردن ليس مجرد دولة على خارطة، بل هو بيتنا الكبير، وإذا واجه الصعاب اليوم، فإن دعمه واجب على كل من يعيش فوق أرضه ويؤمن بمستقبله.
فلنقف جميعاً صفاً واحداً، نواجه التحديات بعزيمة وإيمان حتى تبقى راية الأردن عالية خفّاقة فوق كل الظروف.