في عام 1885، لم يكن كارل بنز يدرك، وهو يقود لأول مرة مركبته ثلاثية العجلات المزوّدة بمحرك احتراق داخلي وهيكل مدمج، أن ابتكاره سيقود لاحقا إلى صناعة سيارات تُباع بأسعار خيالية، وتصبح من بين الأغلى في تاريخ المزادات العالمية.
ورغم أن قائمة أغلى السيارات التي بيعت على الإطلاق تضم أسماء مثل شيلبي وبورشه، فإن الصدارة بلا منازع تذهب إلى سيارة من مرسيدس-بنز، متقدمة بفارق شاسع عن أقرب منافساتها، فارق قد يبقيها على القمة لسنوات طويلة.
اللافت أن أغلى سيارتين في القائمة تعودان للشركة الألمانية نفسها. ففي فبراير 2025، بيعت سيارة السباق W196 R Stromlinienwagen، المعروفة بلقب "الانسيابية"، عبر دار RM Sotheby’s في مزاد خاص بسيارة واحدة أُقيم داخل متحف مرسيدس-بنز في شتوتغارت بألمانيا، وفقا لـ slashgear.
وكانت السيارة، التي تُعد واحدة من أربعة نماذج مكتملة فقط على مستوى العالم، جزءا من المجموعة الشهيرة المحفوظة داخل متحف إنديانابوليس موتور سبيدواي، وإضافة إلى ندرتها، فقد كانت هذه المرة الأولى التي تُباع فيها هذه الفئة إلى مشترٍ خاص.
بلغ سعر الـ"ستريملانر" نحو 53.01 مليون دولار، ما منحها المركز الثاني متقدمةً على سيارة فيراري 1962 330 LM/250 GTO بأكثر من مليون دولار، ومع ذلك، بقيت المسافة بينها وبين المركز الأول شاسعة للغاية.
ففي مايو 2022، سُجّل رقم قياسي بدا "غير قابل للكسر"، عندما بيعت سيارة مرسيدس-بنز 300 SLR Uhlenhaut Coupe، وهي سيارة سباق أيضاً، مقابل 142.4 مليون دولار. لم تكسر السيارة الرقم السابق فحسب، بل حطّمته تماما، لتكتسب فورا لقب "الرقم المستحيل"، على غرار سلسلة مباريات لاعب البيسبول الأمريكي الشهير كال ريبكين جونيور الـ2,632 دون انقطاع، أو أهداف ليونيل ميسي الـ91 في عام واحد.
تحفة هندسية بُنيت لسباق لم يُقم
تم تصميم النموذج الأولي من 300 SLR Uhlenhaut Coupe على يد كبير مهندسي مرسيدس، رودولف أولينهَوت، من أجل سباق كاريرا باناميريكانا الشهير في المكسيك، وذلك كنسخة سقف ثابت من سيارة السباق المكشوفة 300 SLR. لم يُنتج من هذه السيارة سوى نموذجين فقط، عُرفا باسم "الأحمر" و"الأزرق" نسبةً إلى اللون الداخلي لكل منهما. لكن مع إلغاء الحكومة المكسيكية للسباق، لم تُستخدم السيارة لهذا الغرض قط.
جاء الهيكل بمزيج هندسي يجمع سيارة W196 المخصصة للفورمولا 1 مع أبعاد أوسع لسيارة 300 SL Gullwing موديل 1955، الشهيرة بأبوابها التي تفتح كأجنحة الطائر. وحملت كل نسخة محركا مستقيما من ثماني أسطوانات بقوة 306 أحصنة، مُثبتا خلف المحور الأمامي، مرتبطا بناقل حركة من خمس سرعات.
ووفقا لدار RM Sotheby’s، كانت السيارة من أسرع المركبات القانونية على الطرق في زمانها، بسرعة قصوى تصل إلى 180 ميلاً في الساعة.
فاز تاجر السيارات الكلاسيكية سيمون كيدستون بالمزاد الحصري الذي عُقد في مايو 2022، لكنه كان يتصرّف نيابةً عن مشترٍ مجهول الهوية كان يضغط على مرسيدس طوال عام كامل كي توافق على بيع السيارة.
أما النسخة التي بيعت فهي "الحمراء"، بينما لا تزال "الزرقاء" معروضة في متحف مرسيدس-بنز في شتوتغارت.
وتم توجيه كامل عائدات بيع السيارة إلى إنشاء "صندوق مرسيدس-بنز"، وهو برنامج عالمي للمنح الدراسية يُمكّن الأطفال غير القادرين من متابعة مشاريع متخصصة في علوم البيئة، خصوصا في مجال التعليم والبحث المتعلقَين بتغيّر المناخ. كما يوفر الصندوق برامج إرشاد مهنية من مرسيدس-بنز لفتح آفاق وظيفية جديدة أمامهم.