دخلت الاتصالات بين الجانب السوري والروس مرحلة حساسة في الأيام الأخيرة التي سبقت سقوط نظام بشار الأسد، وفق ما كشفه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي روى تفاصيل المسار السياسي والعسكري الموازي لتقدم الفصائل نحو العاصمة دمشق.
بدأ الشيباني حديثه بالتوقف عند الدور الذي لعبته التحركات الميدانية للفصائل المسلحة، موضحًا أن توسّعها باتجاه دمشق أدى إلى تحييد المناطق التي كانت فيها القوات الروسية، الأمر الذي غيّر طبيعة المواجهات على الأرض وفتح الباب أمام مسار سياسي جديد.
ومع تواصل المكاسب العسكرية، رأى الرئيس السوري أحمد الشرع – قائد عمليات "ردع العدوان" في ذلك الوقت – أن الظروف أصبحت ملائمة للتواصل المباشر مع موسكو، خاصة بعد تحرير حلب وبدء الهجوم على محافظة حماة.
وتابع الشيباني موضحًا أن السوريين فتحوا بالفعل قناة اتصال عالية المستوى مع الروس، مشيرًا إلى أن طبيعة الجهة التي تم التواصل معها كانت على درجة من النفوذ جعلت الاتصال أقرب إلى محادثة مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأفاد بأن بيانًا أصدرته المعارضة السورية آنذاك نال استحسان القيادة الروسية، ما أعطى مؤشراً إيجابياً رغم استمرار المواجهات.
واستنادًا إلى روايته، انتقلت الاتصالات لاحقاً إلى لقاء مباشر عُقد عند معبر باب الهوى، حيث أبلغ الوفد السوري الجانب الروسي بأن دعم موسكو لبشار الأسد كان خياراً غير موفق، مؤكدين في الوقت نفسه أن إسقاط النظام لا يعني مغادرة روسيا لسوريا أو إنهاء مصالحها هناك.
وخلال الاجتماع، طرح الوفد السوري تصورًا لتنظيم هذه المصالح مع الحكومة الجديدة على أسس وطنية واضحة، وبعيداً عن أي ترتيبات سابقة أو تدخلات من ميليشيات، مشددين على أن الشعب السوري يطالب بالتغيير.
كما تضمن النقاش مطالبة بوقف القصف على إدلب وحلب، إضافة إلى وقف التجييش في مجلس الأمن والتخفيف من التصعيد الإعلامي ضد المعارضة، مقابل استمرار الفصائل في عدم استهداف القواعد الروسية.
واختُتمت الجلسة بسؤال مباشر من الجانب الروسي حول مدى توقع الفصائل الوصول إلى دمشق والمدة التي تحتاجها لتحقيق ذلك، ليجيب الشيباني: "نعم، ربما خلال 48 ساعة".