بينما تتجه الإدارة الأمريكية نحو مسار تفاوضي مباشر مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، تتهم موسكو الاتحاد الأوروبي بمحاولة وضع العصي في دواليب المسار، في حين أن الدور الأوروبي يبقى محدوداً، ومحكوماً بالبيروقراطية الداخلية والتبعية العسكرية لواشنطن، بحسب رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني، التي رأت أن العدو الحقيقي للاتحاد الأوروبي هو العجز عن اتخاذ القرارات، ما يعني - استناداً لها- أن أية محاولات أوروبية لتعطيل التسوية الأمريكية ستظل جزئية، مع بقاء المبادرة الأمريكية هي الفيصل في مخرجات الأزمة.
المباحثات الروسية–الأمريكية المرتقبة في ميامي حول أوكرانيا تشير إلى استمرار في تحوّل استراتيجية واشنطن، من سياسة استنزاف طويلة الأمد إلى مسار تفاوضي براغماتي يسعى إلى إنهاء الصراع بطريقة تحفظ مصالحها الاستراتيجية.
تجاوز البيروقراطية
وفي هذا السياق يبدو أن اختيار قنوات غير تقليدية مثل المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف ومستشار الرئيس السابق غاريد كوشنر يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في تجاوز البيروقراطية، والسير مباشرة نحو تفاهمات يمكن تطبيقها بسرعة.
ويبقى السؤال حول القدرة الأوروبية على تعطيل التحرك الأمريكي ماثلاً. لكن الواقع يظهر أن أوروبا تستطيع ممارسة تأثير جزئي عبر التأخير والمناورة السياسية، أو الضغط الإعلامي والدبلوماسي على واشنطن، وربط أي اتفاق بمصالحها الخاصة، لكنها تظل عاجزة عن تعطيل المسار إذا قررت الإدارة الأمريكية المضي قدماً.
تصريحات المسؤولين الروس تؤكد ذلك، إذ يشيرون إلى أن تقدم الجيش الروسي على الجبهات يعزز موقف موسكو تفاوضياً، ويقلص هامش التحرك الأوروبي في التأثير على مخرجات التسوية.
رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني، أدلت بتصريحات لافتة حيث أشارت إلى أن "العدو الحقيقي" للاتحاد الأوروبي ليس خارجياً، إنما العجز عن اتخاذ القرارات والتبعية العسكرية للولايات المتحدة، وأن أوروبا ليست لاعباً مستقلاً يمكنه تعطيل أي تحرك أمريكي، بل قارة محدودة القدرة، محكومة بالبيروقراطية الداخلية، ومعتمدة عسكرياً على واشنطن، وتقنياً على الصين.
لا أدوات
هذا الواقع يفسر لماذا، رغم الخطاب التحذيري الأوروبي، لا تملك بروكسيل أدوات لإيقاف المفاوضات الأمريكية–الروسية، مهما حاولت التشدد في الشروط أو التأثير السياسي.
مع ذلك، لا يمكن إنكار أن أوروبا قادرة على التأثير الجزئي، عبر المناورة السياسية والورقة الاقصادية عبر العقوبات والأصول الروسية المجمدة، وإبطاء وتيرة التسوية، وربما وضع تعديلات طفيفة على البنود الاقتصادية والسياسية للاتفاق، كي تستطيع تقليل آثار أي تسوية لا تروق لها.
لكن هذه القدرة محدودة، إذ يظل عامل الميدان، بما في ذلك تقدم الجيش الروسي واستنزاف الموارد الأوكرانية، هو المحدد الأساسي لموازين القوى على الطاولة، ويجعل أي اعتراض أوروبي غير حاسم.
وفي المخصلة، لا تستطيع أوروبا، رغم دورها الرمزي ومكانتها الدولية، أن تعطل التحرك الأمريكي للتسوية في أوكرانيا بشكل كامل. وما يمكنها فعله يظل التأثير الجزئي والتكيف مع نتائج الاتفاق، وليس الإلغاء أو التحكم في مسار التسوية. تصريحات ميلوني تعكس هذا الواقع بوضوح، وهو ما يعني أن أي تسوية تنتجها المباحثات الأمريكيةالروسية ستكون شبه حتمية