قصة شاب وُلد كفيفاً من الرمثا سهل حوران ونشأ على طاعة الله وحب وطنه
الحمد لله والصلاة والسلام على رس اىول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين وبعد:
يقول الله تعالى في محكم آياته: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) )
عمر الحايك: شاب أردني الجنسية وُلد في مدينة الرمثا في بلدة سهل حوران، يعمل في مديرية لواء الرمثا بوظيفة مؤذن وخادم للمساجد، ولديه مبادرة إنسانية وضع أكبر جهده ووقته فيها لإفادة أكثر عدد من أصحاب الإعاقة البصرية في هذه المبادرة.
هذه المبادرة هي تعليم الأطفال المكفوفين قراءة القرآن الكريم بطريقة (بريل).
وُلد عمر أخ لأربعة شباب بين أسرة محافظة محبة لدينها ووطنها، والد عمر خدم في السلاح العسكري في خدمة الوطن المواطنين.
يقول عمر: ولدت بإعاقة بصرية، كانت قد نزلت على عيني ماء زرقاء وأصبت بفقد جزء كبير من بصري منذ ولادتي، كان هذا الشيء أثر نفسي كبير على والدي من جهة الحس الفطري للإنسان بخوفه على أولاده، ومن جهة أخرى خوفهم على مستقبلي.
لكن الرعاية الربانية كانت خلاف أي توقع وأكرم الله علينا بأن جعلنا من المهتدين لخدمة مساجد الله وهي أعظم رفعة.
فقد قدمت لمديرية الأوقاف لعدة امتحانات وحفظت بعضاً من أجزاء القرآن الكريم وقدمت على وظيفة مؤذن في المساجد وتم تعيني، وقد من الله علي في هذه المساجد بأن أوفق بوجود سكنٍ للمؤذن مما سهل علي بعد ذلك بالزواج والمسير بسنة الله في إعمار الكون.
في هذه المراحل مررت بعدة معيقات وصعوبات في القراءة والكتابة، فكان يتوجب علي إذا أردت قراءة القرآن أن أقرب المصحف وألصقه في عيني حتى أرى الأحرف، فكانت صعوبة بالغة لكن لم أقف هنا !!
ذهبت لمراكز تعليم القراءة والكتابة بطريقة (بريل) سجلت، إجتهدت، تعلمت، ثابرت، ثم حصدت ونجحت في ذلك.
يقول عمر: أنا أحب كتاب الله وأحب تعليمه لأبناء حي المسجد، وكنت دائماً أتطلع نحو التطوع محباً له ومجتهداً فيه، في خضم إطلاق جلالة الملك وولي عهده لعدة مبادرات، كنت أتابع عن قرب الجهد التي تقوم به هذه العائلة المباركة الهاشمية في عقد الكثير من المبادرات وإدارتها شخصياً، وخاصة ما تخص أصحاب الإعاقات السمعية والبصرية وغيرهم.
فولدت عندي فكرة لمبادرة تقام في مدينة الرمثا، هذه المدينة الجميلة التي عُرفت بحفظ أبنائها لكتاب الله وتحصيلهم على أعلى المستويات في المسابقات وغيرها، فجاءت الفكرة بإقامة مبادرة لتعليم القرآن الكريم والأخلاق النبوية العامة، ولكن هذه المرة إشراك أصحاب الإعاقات البصرية (المكفوفين)، فعلاً عرضت هذه الفكرة على مديرية أوقاف لواء الرمثا تحديداً قسم المراكز الصيفية، لكي يكون الأمر رسمي وبدعم من الأوقاف، فتمت الموافقة وتم حشد الأطفال ذكوراً وإناثاً من المكفوفين، وبعدها قام أحدالإخوة من أهل الحي بكفالة نقلهم من بيتهم إلى المسجد والعكس، ثم جاء آخر وكفل وجبة غدائهم، وآخر أحضر لهم ألواح خاصة بالكتابة على طريقة بريل، وبعضهم تبرع بمصاريف ضيافتهم، وهبت جهود أهل الخير وجادوا بما جادوا.
فكانت فكرة (تعليم القرآن الكريم كتابة وقرآءة بطريقة بريل) كمبادرة إنسانية في الدرجة الأولى ومنادية لحق هذه الفئة في التعلم والتعليم ونبذ معاني الجهل، وتعليمهم على حُب الأوطان ومحاربة التطرف والإرهاب من خلال العلم.
لله الحمد الآن يحفظ عند عمر أولاد وإناث منهم من أتمم حفظ الجزء والجزئين، ومنهم ما يزال يحفظ، وهم بحاجة لدعم أكبر لكي تحقق هذه المبادرة نجاحات عظيمة.
نسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لله تعالى ونفع الله بها العباد والبلاد إنه بكل جميلٍ كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.