والآن بعد أن لعبنا..فرحنا..انبسطنا..سافرنا..احتفلنا..
رجعت أيام المدارس ، رجعنا للروتين اليومي وللصحوة بكيّر ، وراحت أيام السّهر والدلال ، رجعنا للتوصيل للمدرسة والتدريس والكتب والدفاتر ورنّة الجرس (رنّ رنّ)
والطابور الصباحي والحصص... .
اشترينا حقائبنا المدّرسية والمراييل والأحذية والجوارب البيضاء اللّون ، ومطرات المي والدفاتر والأقلام والألوان ودفاتر الرّسم ، وهذا أروع شيء بالنسبة للطلاب وهم يتفنون باختيار الدفاتر والبرايات والمساطر والمقالم ،
ومن شدّة لهفتهم لأول يوم مدرسي تجدهم يجهزون الزي المدرسي قبل بيوم ، ويستيقظون نشطين متحمسين لهذا اليوم.
أمّا تلك الأم التي لديها أول ولد أو أول بنت سيدخلون المدرسة لأول مرة ، فهي تكون متحمسة أكثر من أبنائها لهذا اليوم ، فتجدها تحضر لهم الملابس والحقائب والسندويشات ، وتمشط شعرهم وتعطرهم بعطرهم الخاص ، وتأخذ تقبّلهم وتحضنهم وكأنّها تراهم لأول مرة ، فتأمل بذاك اليوم وهم كبار وفرحين بالنجاح ، فتأخذ تدعو لهم بالتوفيق والفلاح دعوات ترتفع للسماوات مع دمعة الفرح تلك التي تجففها بيديها لتُخفيها عن صغارها.
أمّا الطلاب والطالبات في يومهم الأول فقد أقبَلوا بلهفة يسلّمون على أصحابهم ويحكون لهم حكاياتهم مع العطلة وزياراتهم ورحلاتهم وسفراتهم ، وكلّ منهم يُري الآخر ماذا إشترى فيُري ملابسه الجديدة وحذاءه الجديد وحقيبته ودفاتره وأقلامه ، وما أن يرن جرس الطابور الصباحي (رنّ رنّ) إلا ويأتون مسرعين ويتهافتون على من يكون في المقدمة ، فإذا بهم يتفقدون معلميهم ومعلماتهم ويفرحون برؤيتهم وبثيابهم الجديدة وكأنّه العيد ، وكلّ يوشوش زميله ذاك معلم جديد وتلك معلمة جديدة فيحذرون الكلام أمامهم ، ومن هناك تجدهم يبتسمون لمعلمهم الذي لم يتغير ومعلمتهم التي بقيت ولم تغادر المدرسة بفرحةٍ غامرة ، وحين يدخلون الصف يندفعون بشوق للدرج واللوح والطبشور ، ويقفون على الأبواب بلهفةٍ للقاء معلميهم ومعلماتهم ليقصّوا عليهم نجاحهم ومين الأول على الصف ومين رح يدرسهم مادة اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضيات والعلوم ، ومين رح يكون مربي صفهم ، أسئلة كثيرة في مخيخهم الصغير لكنها كبيرة ، وعلى المعلم أو المعلمة أن يجيب ويستقبلهم بنفس الشعور بالمحبة والمودة والألفة ، فبعض الطلبة جديد في الصف أو جديد في المدرسة فيا إخوتي المعلمين والمعلمات لنكن آبائهم وأمهاتهم.
فإنّهم ينتظرون رنّة جرس الحصة الأخيرة لينطلقوا لأمهاتهم وآبائهم بلهفةٍ كبيرة ليقصّوا عليهم لُقيا أصحابهم ومعلميهم ومعلماتهم ، ومين انتقل ومين بقي ، ومين ظل بصفّه ومين راح على شعبة ثانية ، وشو عملوا بأول يوم ، والأم تستمع إليهم وهي مبسوطة والفرحة تغمرها ، وكأنها هي التي كانت في المدرسة وليس هم.
فيا أبنائي الطلبة لقد حان وقت الجدّ والعمل ، لقد حان وقت العودة لمقاعد الدّراسة فكلّها أيام ونستقبل أيام الجدّ والأجتهاد..
فأيام الدّراسة تحمل لنا ولكم تطلعات جديدة وطموحات مغلفة بالإصرار والعزيمة.
فلاتجعلوا الأفكار السلبية تتسلل إلى نفوسكم (صعب
مستحيل ، انا فاشل) ، إذ ليس لها مكان في قلوب من يتطلع للنجاح والرقي ، (فأفكاركم هي من تصنع حياتكم ومستقبلكم ).
ويا أبنائي الطلبة إنّ طريق العلم طريق النجاح والفلاح ،
وليكن شعاركم يا أبنائي أيام الاختبارات ( نحن قوم لا تهزنا الجبال العواتي فكيف بورقة كتب عليها اجب السؤال الآتي... ؟؟).
فأنتم يا أبنائي تصنعون التاريح حقا ً، فلا تظنون أن صناعة التاريخ خاصة بالعظماء فقط ؛ بل إنّ كلّ إنسان هو صانع لتاريخه وهو مبدع وناجح إذا أحب .
وكما قال بعض السلف : "من أراد الدنيا فليطلب العلم ومن أراد الآخرة فليطلب العلم" .
فأيام المدرسة جميلة وحلوة ، استمتعوا بكل تفاصيلها ، لأنكم يوماً ما ستتمنون عودة يوماً واحداً فقط مع زملائكم ومعلميكم .
ويا زملائي المعلمون وزميلاتي المعلمات يا أصحاب المواقف الجليلة علّموا أبنائكم الطلبة بمحبةٍ ومودة ؛ فأنتم عماد أمتكم وعنوان حضارتكم ، وأنتم المجد المنتظر .
ويا إخوتي ايقظوا همم طلابكم وعلّموهم بخُلقكم قبل تعليمكم إياهم بالقدوة والأسوة وقبل الشرح والتدريس .
واحرصوا على تجديد النية ، والإخلاص للّه تعالى ، وتذكروا دومًا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
((إنَّ الله لا يقبَلُ منَ العمل إلاَّ ما كان خالصًا وابتُغِيَ به وجهُه)) .