ابدا مقالي هذا باقتباسات لأفلاطون من كتابه الجمهورية الذي ألفه سنة 380 قبل الميلاد أي قبل حوالي 2400 عام من يومنا هذا على شكل حوار بين غلوكون وسقراط :
" سقراط : هل طبيعة الأنثى تمكنها من مشاطرة الذكور أعمالهم ؟ أم انها غير كفء لشيء من أعمال الذكور ؟ أو أنها كفء لبعض الاعمال دون البعض الاخر ؟
غلوكون : انه على العموم يفوق أحد الجنسين أخاه في بعض الاشياء ، وأن كثيرات منهن يفقن كثيرين منهم في امور كثيرة .
سقراط : فليس في الأعمال المتعلقة بإدارة الدولة – أيها الصديق – ما يختص بالمرأة كامرأة ، أو بالرجل كرجل ، ولكنها مواهب موزعة على افراد الجنسين سواء بسواء ، فالمرأة صالحة لكل عمل كالرجل ، على الرغم من انها أضعف منه بشكل عام .
غلوكون : حتما كذلك .
سقراط : افنخص الرجال بكل الأعمال ولا نترك للمرأة عملاً ؟
غلوكون : لا يمكننا ذلك
سقراط : فلا فرق إذا بين طبائع النساء باعتبار قانون الدولة ، إنما هو تفاوت بينهما في الدرجة قوة وضعفاً .
انتهى الاقتباس. ولنلاحظ ان هذه التساؤلات كتبت قبل زهاء 2400 عام فعندما قرر افلاطون ان يؤلف كتابه "الجمهورية" ادرك هذا الفيلسوف العملاق ان موضوع المساواة بين الجنسين ركيزة اساسية في نجاح اي دولة، ولذلك خصص له فصلا خاصا في كتابه "الجمهورية"
في العام 2006 وعلى هامش المنتدى الاقتصادي العالمي تبلور الادراك العالمي لاهمية المساواة بين الجنسين بتقرير دوري يقيس مقدار الفجوة بين الجنسين(المسماة بالفجوة الجندرية) بناء على اسس علمية محكمة ويرتب الدول بناء على مقدار ردم كل دولة للفجوة بين الجنسين بحيث يعكس التقرير وضع المراه في كل دولة على حدى ويوثق مقدار التطور السنوي للمساواة بين الجنسين.
لاشك ان المرأة العربية عبر تاريخ مجتمعها الذكوري واجهت ضغوطا كبيرة حجمت من حقوقها كانسان له الحق في الحياة العادلة المتساوية مع الرجل بعيدا عن كل انواع التمييز والمحاباة،وعلى الرغم من بروز الاقطار العربية كدول مستقلة على الطراز الدولي تقوم على القانون وترتكز على المؤسسية وتسعى الى الديمقراطية الا ان الأرث التاريخي الثقافي للمجتمعات العربية القى بظلاله الثقيلة على حقوق المراه العربية،وبرز ذلك جليا في التقرير العالمي للفجوة الجندرية حيث حلت اول دولة عربية في المركز 119 عالميا من اصل 149 دولة وباقي الدول العربية جاءت بمراكز اكثر تاخرا حتى انه للاسف من بين اقل 10 دول في التصنيف العالمي بالمساواة بين الجنسين كان هنالك 6 دول عربية.
من ينظر إلى تاريخ الأردن بموضوعية يرى بوضوح حجم التطور الهائل في فترة زمنية صغيرة نسبة لعمر الدول، على الرغم من شح الموارد وندرتها وعلى الرغم من صعوبة الوضع الجيوسياسي الصعب الذي لطالما أحاط بالمملكة منذ نشأـها،النهضة شملت جميع المجالات،والمرأة الأردنية منذ البدايات أثبتت تميزها وقوتها ومساندتها للرجل في كافة المجالات والأمثلة تعد ولا تحصى عن أردنيات سطرن قصص نجاح يسجلها التاريخ كل في مجالها.ونحن نرى أن الأردنيات اليوم في كافة المجالات قد اخترقن مجالات الحياة حتى أصعبها وانخرطن ببوتقة التنمية الشاملة، ويفخر الأردن بالكوادر النسائية المؤهلة والفاعلة في شتى المجالات. بالتأكيد وضع المرأة بحاجة للكثير من العمل والتطوير لتحقيق المساواة المثلى ولكن ان ما يثير التساؤل هو انه على الرغم من القفزات النوعية التي حققها الأردن في مجال المساواة بين الجنسين وإعطاء المرأة حقوقها إلا انه لا يزال في ترتيب متأخر عالميا وفقا لمعيار الفجوة الجندرية وهنا وجب علينا كمؤسسات نسوية أردنية الوقوف على أسباب هذا التأخر ومعالجتها. يحتل الأردن المركز 138 عالميا من بين 149دولة، وعندما قمنا بتحليل موضوعي لهذا الترتيب ومطابقته مع الواقع وجدنا أن الأسباب متعددة، بعضها يكمن في عدم توفر الإحصاءات المعتمدة في التقرير العالمي كأسس للتقييم وأخرى تتعلق بتحسين وتطوير حقوق المرأة.