في السابع من شهر شباط من كل عام يسّتذكر ويتّذكر الأردنيين ومعهم كل العرب الأحرار ذكرى وفاة أغلى الرجال وأشرف النسب الحسين بن طلال طيب الله ثراه أحد عمالقة القرن العشرين الذي فاضت روحه الطاهرة إلي بارئها بعد عطاء وإنجاز كبيرين في خدمة الوطن والقضايا القومية والعربيه والأسلامية طيلة مدة تحمله للمسؤولية. ففي مثل هذا اليوم وقبل إحدى وعشرون عاماً كانت بداية ونهاية لحقبة تاريخية مهمة في مرحلة دقيقة وحساسة نهاية لملك بنى وأعطى لوطنه وأمته لما يقارب من نصف قرن. وبداية لملك سار على نفس النهج بالسير بالأردن وبخطى ثابته لبر الأمان هذا ما يسجله التاريخ بأحرف من نور حيث كان الأردنيون في هذا اليوم أمام أنظار العالم بأسره يضربون المثل في وفائهم للراحل العظيم الحسين طيب الله ثراه والبيعة وبطريقة دستورية سلسة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حيث تنتقل الراية الهاشمية الى يده ليواصل مسيرة عنوانها الأمل والتسامح وشرعّيتها العدل والأنجاز والعمل . وأننا ونحن نُحي هذه الذكرى التاريخية ننحني أجلالاً وأكباراً وتقديراً لعطاء الحسين رحمه الله ونستلهم من معانيه الإيمان والتصميم على إكمال رحلة الخير والبناء والعطاء بثقة أكيدة وهمة عالية نستلهمها من حامل الراية وراعي المسيرة قائدنا وسيدنا أبا الحسين حفظه الله ورعاه . فمنذ أن تسلم الراحل العظيم سلطاته الدستورية مر الأردن بعدة أزمات إقليمية ومحلية وعربية استطاع خلالها أن يتجاوزها ويسير بالأردن إلى شاطئ الأمان عبر بحر متلاطم الأمواج وعلى قاعدة صلبة لا تهزها أي عواصف هنا وهناك فمنذ تسلم جلالة المغفور له الملك الحسين سلطاته الدستورية وهو يَجهد في بناء الدولة الأردنية الحديثة في ظروف لم تكن سهله بسبب الأوضاع المحيطة والتحديات فبدأ بخطوات ثابتة وجريئة وشجاعة أستهلها بتعريب قيادة الجيش وتسليم قيادته للضباط الأردنيين الأّكفاء وأولى جلالته القوات المسلحة الاهتمام الخاص بالتطوير والتحديث منذُ البدء لتكون قوات تتميز بالاحتراف والأنضباطيه حتى غدت قوات عالمية تشارك بمهام حفظ السّلام الدولية في مناطق النزاع المختلفة من العالم. حيث شهدنا بناء الأردن الحديث وإرساء دعائم نهضته الشاملة في جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية وهذا كان هاجس الحسين طيب الله ثراه منذُ أن تسلم زمام الأمور. ففي الرابع والعشرين من كانون الثاني عام 1999 أصدر الراحل العظيم إرادته الملكية السّامية بتنصيب الأمير عبدا لله آنذاك ولياً للعهد حيثُ خاطبه قائلاً ( :لقد عهدت إليك بتسلم منصب ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية وأنا مرتاح الضمير والنفس وكلي ثقة واطمئنان بأنك أهل لتحمل هذه المسؤولية الجليلة وقد عرفتُ فيكَ وأنت أبني الذي نشأ وترعرع بين يدي على حب الوطن والانتماء إليه والتفاني في العمل الجاد المخلص ونُكران الذات والعزيمة وقوة الإرادة وتوخي الموضوعية والاتزان والاسترشاد بالُخلق الهاشمي السمح الكريم المستند إلى تقوى الله أولاً ومحبة الناس والتواضع لهم والحرص على خدمتهم) … وفي هذه الكلمات التي خاطب بها الحسين العظيم ولي عهده الأمير عبدالله آنذاك نُدرك مدى أيمانه رحمه الله بأن مصلحة الوطن يجب أن تكون فوق كل اعتبار وهو النهج الذي سار ويسير عليه سيدي ومولاي أبي الحسين حفظه الله ورعاه من خلال تطبيق شعار (الأردن أولاً) وبقيَ الحسين رحمه الله يقدم ويعطي حتى وافته المنية فكان يوماً حزيناً على الأردنيين يوماً أسود فقدوا فيه أغلى وأعز الرجال شُيع فيه الوطن والعرب والأصدقاء الحسين الراحل في جنازة مهيبة أطلق عليها (جنازة القرن العشرين ) حيث شهدت مراسم جنازة المغفور له الحسين أكبر تجمع رسمي خلال القرن الماضي ِحيث شارك في الجنازة نحو أربعين رئيس دولة، ووفود تمثل حوالي ستين دولة عربية وأجنبية.ولكن عزائنا الوحيد الذي خفف حزننا وألمنا في رحيل الحسين هو بمن تسلم زمام الأمور جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه ليكون خير خلف لخير سلف. ففي هذه الذكرى يوم الوفاء للحسين والمبايعة لأبي الحسين نجدد العهد والولاء لوارث العرش الهاشمي جلالة الملك عبدا لله الثاني ابن الحسين وكلنا عزم وتصميم على مواصلة رحلة الخير والبناء والعطاء بكل ثقة وِهمه عالية من أجل إعلاء بنيان الوطن وتعزيز مكانته. حيث شرع جلالة الملك عبدالله الثاني بالتطوير والتحديث لكل مرافق الدولة وقواتها المسلحة الباسلة وعلا صوت الأردن بالحق من على كافة المنابر الدولية للمطالبة بالحقوق العربية المنقوصة وعلى رأسها القضية المحورية وهي القضية الفلسطينية قضية العرب الأولي والتي جاءت منسجمة بلاءات الملك الثلاث لا للقدس عاصمة لأسرائيل ولا للوطن البديل ولا للتوطين والتي تم تأكيدها بكلمة ( كلا) لهذه اللا ءات الثلاث التي أصبحت مطلب أردني وحكومي وشعبي جاء منسجما مع لاءات جلالة الملك حفظه الله ورعاه في هذا الموقف التاريخي بعد أن أعلن ترامب خطته للسلام والمتمثلة بصفقة القرن..... في هذا اليوم نترحم على الحسين الباني ونشد من أزر ابا الحسين المعزز لتقوية الصف وتوحيد الجهود والوقوف في وجه كل المخططات ( الصهيو أمريكية) والتي تفكر ان تنال من الحقوق الوطنية والمساس بالحقوق العربية وعلى رأسها المقدسات الإسلامية التي يتولى الهاشميين شرعية رعايتها منذ الأزل وحتى وقتنا الحاضر..... أخيراً رحم الله الحسين الباني وأدخله فسيح الجنان مع الصديقين والأبرار وَحُسن أولئك رفيقاً وحفظ الله الملك القائد الهاشمي عبد الله الثاني ابن الحسين وجعله ذخراً وسنداً للوطن والأمة.