عمان- فتح قرار مجلس الوزراء الأخير، بالموافقة على إنشاء 3 جامعات طبية في المملكة، الجدل بين مؤيد يرى أن "القرار يعود بفوائد اقتصادية تحرك السوق الأردني"، ومعارض يجد أن "تخصص الطب بات مشبع، ومن حيث المبدأ سيزيد أعداد البطالة بين الأطباء".
منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، احتضن في مناظرة حملت عنوان "الجامعات الطبية الخاصة في الميزان"، أمس الإثنين، نقيب الأطباء الدكتور علي العبوس، والدكتور محمود سرحان، لمناقشة هذا القرار.
وعارض العبوس خطوة الحكومة السير بإجراءات ترخيص 3 جامعات طبية خاصة، مبيناً أن الجامعات الأردنية تخرج 1600 طبيب سنوياً، ونحو ألف طبيب من جامعات خارج الأردن، وبمجموع 2600 طبيب أردني سنويا.
وبين العبوس في المناظرة التي أدارها م. رامي العدوان، موقف النقابة برفض هذا القرار قطعياً، في ظل ظروف كثيرة تحيط بالمهنة. وأبدى العبوس تخوفه من مستوى التدريس في جامعات الطب الخاصة في حال إقامتها.
واشترطت الحكومة أن يكون نسبة 60% من طلبة هذه الجامعات من غير الأردنيين، مشيرة إلى أن ذلك سيفتح المجال أمام الطلبة العرب والأجانب الانخراط في هذه الجامعات، ما سيتيح دخول عملات صعبة إلى البلد، ويؤدي إلى تنشيط قطاعات عديدة، خصوصاً قطاعات الضيافة والخدمات.
الحكومة، وعلى لسان وزير التعليم العالي د. محي الدين توق، أكدت أنها منحت تراخيص مبدئية بعد دراسة مستفيضة، مشترطة تخصيص ما نسبته 90% من النفقات التشغيلية منها لغايات إعداد الكوادر البشرية والابتعاث وإنشاء المختبرات والمشاغل. حجم الاستثمار في الجامعات الثلاث، تقدره الحكومة بحوالي 300 مليون دينار، يشمل إقامة المنشآت والمرافق الخاصة وتجهيز القاعات والمختبرات والمشاغل، ما يسهم في تحريك عدد من القطاعات في السوق المحلية.
وبالعودة للعبوس الذي أكد أن كليات الطب الخاصة في العالم الغربي ترعاها مؤسسات وقفية غير ربحية، حتى لا يعرضون مهنة الطب المقدسة لقانون الربح والخسارة، منوها إلى أن ترخيص هذه الكليات سيؤدي إلى سحب المدرسين والكفاءات من الكليات الرسمية.
واعتبر نقيب الأطباء حاجتنا إلى تطوير وتنمية كليات الطب في الجامعات الرسمية والتركيز عليها من الناحية النوعية والمادية، بدلاً من إنشاء جامعات طبية خاصة، مبينا أن برامج التعيينات في الأردن تستوعب 300 طبيب سنوياً.
وأكد ضرورة توفر مستشفى تدريبي تطبيقي في أي كلية طب، وليس اختيار مستشفيات بعيدة عن هذه الكليات، مشيرا إلى أن كليات الطب الرسمية أثبتت نجاحها ومدى قدرتها على تخريج أطباء قادرين على تحمل المسؤولية.
من جانبه، رأى السرحان أن تنفيذ مشاريع طبية خاصة، يساعد في تحسين المناهج التشاركية والمشتركة بين القطاعات، كما يساعد على تخفيض الضغط الهائل المفروض على الجامعات الحكومية، وتحسين مستوى الخدمات الطبية المقدمة، والمساهمة في استيعاب أطباء الامتياز والإقامة في المستشفيات الجديدة.
وبحسبه، ما دامت جهات خاصة قد حصلت على الضوء الأخضر للبدء في المعاملات لإنشاء جامعات طبية، فهذه المشاريع بشروطها القاسية ربما ستواجه صعوبات كما واجهت الصعوبات مشاريع عدة في الأردن.
ونصح السرحان أن تتمسك هذه الجامعات بالمعايير العالمية، وأن تكون الرؤيا واضحة، ومساعدة هذه الجهود وهذه المشاريع لضمان نجاحها، معتبرا أن "فشلها ينعكس سلبًا على الاقتصاد الأردني وسمعة الأردن، في مجالي الطب والتعليم".
وكشف السرحان عن الجهات التي حصلت على الضوء الأخضر للبدء في عملية الترخيص المبدئي، وهي: "الأردن، أبن الهيثم/جامعة العلوم التطبيقية، الصايغ والعقبة".
وبين السرحان أن كليات الطب لها مكانة هامة في المجتمع، لدورها الحيوي في التدريس والأبحاث، حيث يطمح الكثير من طلاب الثانوية العامة وأهلهم الالتحاق بها، معتبراً أن كليات الطب غير الربحية تعد من أرقى جامعات العالم، وأن الكليات الربحية قليلة العدد، ومثال على ذلك الجامعات الموجودة في مصر.
وحول الوضع الحالي للتعليم الطبي داخل الأردن، لفت السرحان إلى وجود 6 جامعات حكومية عامة، مبينا أن 10% من المقبولين في كليات الطب يتم قبولهم تنافسيًا والباقي موازي ودولي.
وبين أن "جامعتي الأردنية والعلوم والتكنولوجيا فقط لهما مستشفى جامعي خاص بهما، أما بقية الجامعات فلا يوجد مستشفى تابع لها، حيث تتعاقد الجامعات مع مستشفيات وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية لتدريب الطلاب".
ويُقدر عدد الطلبة الأردنيين الذين يدرسون الطب خارج الأردن، بحسب السرحان، بـ 10 ألاف طالب وطالبة، في حين أن الدول التي يتوجه إليها الطلبة هي (أوكرانيا، مصر، روسيا، الصين).
ونوه السرحان، إلى شروط إنشاء الجامعات الطبية الخاصة الربحية، بأن "يكون حجم استثمار لا يقل عن 100 مليون دينار أردني، مع شراكة عميقة وعريضة مع كلية طب عريقة معتمدة عالميًا، بالإضافة إلى الالتزام التام بكافة القوانين والأنظمة والتعليمات وشروط الترخيص ومعايير الاعتماد".
ومن الشروط أيضاً، بحسب السرحان، "وجود مستشفى تعليمي بسعة لا تقل عن 200 سرير، وابتعاث أعضاء هيئة تدريس وخاصة للمرحلة الأساسية من كلية الطب، بالإضافة إلى مساحة لا تقل عن 120 دونماً، ولا تبعد الكلية عن المستشفى أكثر من 25 كم".
وعلى وقع قرار إنشاء 3 جامعات طبية، تباينت آراء المختصين، مؤخراً، بين إيجابيات القرار وسلبياته، مشددين على ضرورة وضع ضمانات ومعايير فعالة لهذه الجامعات، والتزامها بتقديم تعليم حقيقي يخدم البشرية.
يشار إلى أن مؤسسة عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافي، لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.