سيظهر عما ريب الوجه الجديد لجهاز الامن العام ، المديرية الان بصدد الانتهاء من وضع اللمسات الاخيرة للشكل النهائي لعملية دمج مؤسسات الامن العام والدرك والدفاع المدني وصهرها في كتلة امنية واحدة ،مع الإبقاء على تماسك وخصوصية الواجبات التنفيذية والمهنية لكل منها والتفريق الدقيق بين الحابل من النابل.
انجز الكثير وبقي القليل وتجانس الخليط ، لغاية الان تبدو الصورة نظيفة ،وجرى تنفيذ الخطوات الاندماجية بسلاسة وانتظام مما بدد المخاوف والشكوك التي ارهقت نفوس المهتمين والمتابعين للشأن الأمني ما ان تم الإعلان عن قرار الدمج ،واعتقد البعض ان العملية مستحيلة استحالة مزج الزيت مع الماء.
سيكون جهاز الامن العام جهازا عملاقا واكثر متانة ، تم الانتهاء من الهيكلة وهي المرحلة الأصعب في العملية ،واستهلكت على ما يبدو معظم الوقت بالتزامن مع صدور القانون الجديد ، الغيت وحدات وقلصت أخرى ،واعيد النظر في الشواغر ،وتوحدت الإدارات المماثلة في الأجهزة الثلاث في إدارة واحدة ، ثم جرت احالات على التقاعد ،وتعيينات قيادية ودماء جديدة لمواصلة التغيير والابداع والتطوير، لتحقيق اهداف وغايات الامر الملكي المطاع.
الاحالات على التقاعد كانت عادلة ،وبعث المتقاعدون برسائل شكر وامتنان لجهازهم وزملائهم ورفاقهم عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، تضمنت الكثير من معاني الود والرقة والحب، وكانوا على قناعة بان الإحالة على التقاعد ليست اقصاء قصري، وانما جزءا اصيلا من طقوس الوظيفة الحكومية ،وعكست رسائلهم عمق جذورهم الوطنية ومدى ولائهم لقيادتهم العليا ،وتمسكهم الثابت بأساسيات الجندية.
نحن بانتظار قطف ثمار الدمج بتوفير المزيد من أسباب الطمأنينة والاستقرار، والاتجاه نحو خفض نسب الجريمة والانحراف ،وتقديم خدمات افضل يحس بها المواطن ، ولا داعي للتذكير هنا بان مقياس الانجاز والأداء الأمني يعتمد على مبدأ منع الجريمة قبل وقوعها بالدرجة الأولى ،وليس بمقادر ما يتحقق في عمليات الملاحقة والضبط التي تجري بعد ارتكاب الجرائم ،ذلك ان الأفعال الجنائية تترك اثارا وجروحا عميقة في جسد المجتمع لا يمحوها ما يتحقق من قبض وعقاب .
بصراحة العائلة الأردنية أصبحت قلقة ومرتجفة ،وترتقب مداهمتها من قبل تجار ومروجي المخدرات بعد طغيان الظاهرة في السنوات القليلة الماضية ،إضافة الى تكرار الكثير من الظواهر الخطرة وبالأخص عمليات السطو والسلب المسلح على البنوك ومحطات الوقود ،ناهيك عن ندرة الدوريات الراجلة والالية ،وضعف إمكانيات مفارز البحث الجنائي والمخدرات ،وعدم تناسبها مع حجم العمل ومتطلبات المهام اليومية الملحة .