الحكومة الفهلوية كما هي الشخصية الفهلوية لا تمتلك السمات والخصائص الكافية، والإمكانيات اللازمة من أجل القيام بمهامها وأدوارها الوظيفية، وهي عاجزة عن التفكير بعمق في المشكلات، والبحث عن الحلول المنطقية والخطط العملية بعيدة المدى، لذا فهي تبحث عن أدوار وحلول بديلة آنية سريعة لحظية، وبنفس الوقت حلول ذكية فيها من سرعة البديهة ما يمكنها من تخدير وتهدئة المواطنين لبعض الوقت، وإقناعهم بأن القادم أفضل، وبذلك تكون قد أسست المناخ الملائم ومهدت الطريق لاستمرارها في تمرير سياساتها، وامتصاص غضب المواطنين المتزايد ولو مؤقتا.
ربما تكون الحكومة قد حقّقت بعض النجاح في عدد من الملفات ومنها الملف الاقتصادي ولو مؤقتا، وفي جانب محدود منه، ذلك النجاح الذي عكسته المؤشرات المتعلقة بانجازات الحكومة خلال العام الماضي، وهي إنجازات يلفها الغموض، وفيها من الضبابية الكثير، ولا تعدو كونها مقارنات بين عام وآخر، ولا تعكس الواقع بشكل دقيق، ولا نعلم إن كانت قد استندت إلى مؤشرات أداء صحيحة قابلة للقياس بشكل فعلي تعطيها القوة والقدرة على إدراك عناصر القوة والضعف، وتمنحها القدرة على الاستمرار في السنوات القادمة وبشكل ينفي وهميتها واستنادها لظروف طارئة وحلول سريعة اعتمدت فيها الحكومة على جيوب المواطنين، ورفع سقف المديونية، ولا نعلم إن كانت هذه الانجازات هي مشروع سنة، أم أنها مشرع طموح ونهج يتميز بالثبات.
الحكومة في المقابل لم تتقدم خطوة في ملفات أخرى عديدة، وربما تراجعت خطوات على صعيد الإصلاح والتطوير الإداري، والتعامل مع قضايا الفساد، والإستمرار في تبني قرارات قائمة على التنفيع والواسطة، والتعيين والتوظيف اعتمادا على العلاقات الشخصية والمصالح المتبادلة والمحسوبيات بديلا للكفاءة والخبرة والنزاهة والاختصاص، ومعالجة هذه الملفات يعد أولوية لما يشكله من بيئة خصبة وملائمة، ولا يمكن لأية إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية وتعليمية وأمنية أن تنجح بدونها.
الحكومة كما هو حال الحكومات المتعاقبة ورثت عبئا وإرثا ثقيلا، فوجدت نفسها مضطرة للاستمرار والإستمراء في ممارسة الفهلوة بإطلاقها الوعود، وأخذ العهود، والادعاءات بتحقيق العدالة والشفافية والتخفيف عن المواطن سعيا لتسويق خطط ومشاريع مزعومة، والترويج لإنجازات موهومة، وهي بذلك تعزف على أوتار مأزومة ظاهرها الرأفة والحنان والنجاح لتطرب من خلالها الآذان لكسب الوقت الذي يمكنها من الاستمرار، والبقاء على قيد الحياة لأطول عمر ممكن، وبذلك تكون قد نجحت في الاستمرار في نفس السياسات، وترحيل نفس المشكلات والأزمات لتثقل كاهل غيرها من الحكومات القادمة، وتغرق الأردنيين في ضباب معيق للرؤيا والحركة، وتدخلهم في مستقبل بائس ويائس ومجهول.