ماذا تنتظر الحكومة لإعلان حالة الطوارئ وتفعيل قانون الدفاع، ولا يجوز لأحد ان يخلط بين مفهوم حالة الطوارئ وإعلان الأحكام العرفية؛ فحالة الطوارئ وصف واقعي ومادي للظروف الداخلية للدولة وضرورة انتقال هذا الواقع من ممارسة الحياة الطبيعية إلى درجة استعداد عالٍ قد يرافقه تفعيل قانون الدفاع إذا كانت تلك الأحكام تكفي لمعالجة تلك الحالة وقد تضطر لإعلان الاحكام العرفية إذا تفاقمت الامور إلى درجات لا يمكن التعاطي معها بالأساليب سالفة الذكر، وربما أحياناً قد تعلن حالة الطوارئ بدون تفعيل قانون الدفاع أو الأحكام العرفية وذلك عندما يكون تطبيق الأحكام القانونية العادية بفاعلية كافية لمعالجة الظروف المرافقة لذلك الأعلان.
رغم حالة الانسجام الشعبي الإيجابي والتضامن الوطني إلا أن مبررات تفعيل قانون الدفاع موجودة بدءاً من رفع بعض المحلات التجارية للأسعار ومروراً بحاجة الدولة إلى قرارات عاجلة لا تنتظر التأخير أو الإجراءات البروقراطية كالحجر الإجباري أو التكليف بالعمل أو منع بعض الممارسات وتقييد حرية الأشخاص والمؤسسات الاجتماعية والسياسية كالتجمعات أو الإغلاق الضروري أو أمور أخرى ضرورية لإعطاء سلطات مساحات واسعة لمواجهة خطر هذا الفيروس اللعين.
الأثر الإيجابي والفاعل لإعلان حالة الطوارئ وتفعيل قانون الدفاع يؤتي ثماره بمجرد إعلانه لارتباط هذا المفهوم في الذهنية الاجتماعية والشعبية عند إعلان القرارات المهمة والطارئة، وهذا ما يجعلنا نلحظ الالتزام الكبير برؤية الدولة ومقتضيات الحفاظ على هيبتها وأولوياتها، والذهنية الأردنية تلتزم بصرامة عندما يكون الأمر جاداً بمستويات معقولة، وهذا ما يجعل إعلان حالة الطوارئ وتفعيل قانون الدفاع مثلاً سبباً للالتزام الكامل بقرارات السلطة التنفيذية لأن الجدية في هذه الحالة تكون في أعلى درجاتها.
الظروف الحالية التي يمر بها الوطن في مواجهة فيروس الكورونا تستدعي امتثال الجميع لتوجيهات وقرارات الحكومة دون نقاش، والقرارات الموجعة التي قد تضطر لها الحكومة للمواجهة تستدعي الإسراع ودون إبطاء لإعلان حالة الطوارئ وتفعيل قانون الدفاع، بل أكثر من ذلك فقد تضطر الحكومة لاتخاذ قرارات اكثر قسوة لمعالجة واقع الحال، بل اكثر من ذلك فإن القرارات التي اتخذتها الحكومة لم تعد كافية وتحتاج الى المزيد كإغلاق المطاعم والمحال التجارية الكبيرة والمجمعات ووسائل النقل العام وتعطيل الموظفين غير الضروريين لإدامة العمل والصالونات والمقاهي وكل الأماكن التي يتردد عليها الجمهور بكثرة.
نحن بحاجة الى قرارات قاسية في هذه الفترة لأنها وحدها القادرة على لجم الانفلات الاجتماعي في هذا الظرف الوطني الدقيق ، وشوكة الدولة كفيلة بضبط ايقاع غياب الالتزام ، والتزام الاردنيين ببيوتهم من خلال حجر ذاتي صارم بمنطلقات الحرص الوطني على سلامة الدولة والشعب كفيلة بحفظ الوطن وأمنه بل ان في ذلك توجيه رسالة أخلاقية للمجتمع الدولي بأسره أن الشعب الأردني في ذروة الحرص على وطنه ودولته وسلامة مواطنيه، وعندها سنخرج من هذه المحنة منتصرين ومدربين على التلاحم والانضباط الذي غادرنا منذ زمن، ونعيد لصباحات الوطن الجميل ألقه الذي يحاول هذا الفيروس اللعين اختطافه دون رحمة.
التلاحم الذي بدا واضحاً من النقابات المهنية والمستشفيات الخاصة والمنشآت السياحية يستحق الإشادة والثناء ؛ فالمعركة التي يقودها الوطن بمؤسساته وشعبه للانتصار على هذا الوباء ستكلل بالنصر ، والشعب الذي يقوده مليكنا المفدى لا يمكن أن ينال منه الضعف أو الهوان او الاستسلام ، وحمى الله وطننا الحبيب وشعبنا الصابر الطيب وقيادتنا الحكيمة من كل سوء...!!!