الأردن في الشدائد غير، حكومتنا في الشدائد غير، مواطنا في الشدائد غير، هذه حقيقة… طيب... لماذا لا نكون دائما غير؟، إذ نثبت حالياً ، أننا نستطيع.
في مواجهة جائحة كورونا، ربما تأخرنا اسبوعين في تنفيذ ما تم بالأمس، ولكننا نعرف أن تردد الحكومة مرده، المحافظة والموازنة بين مصالح الناس وصحتهم، ومع ذلك عندما استشعرت الحكومة الخطر بادرت بكل كوادرها بهذه الإجراءات غير المسبوقة، وأظنني لن أفصل في هذه المرحلة بين الحكومة والشعب، كلنا جسد واحد، مواطننا أثبت ويثبت رقيه وانضباطه وحبه لبلده، ودعونا لا نلتفت لمواقف بعض قصار النظر، المتمردين على ذاتهم، والذين يعتبرون الوطن فندق ومنتجع لتلبية رغباتهم، والذين يبحثون عن الأخطاء وليس لديهم ما يقدموه، ولنتأمل، إستضافة 5000 شخص ونقلهم بظرف ساعات، جهد كبير وخارق تعجز عنه دول متقدمة، لكن حكومتنا وأجهزتنا الأمنية كانت على قدر المسؤلية، وأثبتت كفاءتها وعمق علاقتها مع شعبها، ونتمنى أن يستمر هذا الحس بأيام الرخاء مثل ما تجسد في الشدائد ، التنسيق والعمل والفعل اليومي للوزارات والأجهزة كافة أمنية وحكومية وخاصة على ما يرام، لا بل أقول أنه مفخرة، منظر ملفت آخر ، في دول القمع والجهل يُسَخر العسكر لتدوس بساطيرهم رقاب وأجساد الشعوب، وفي دول أخرى نزول الجيش إلى المدن يثير الذعر ، وفي أردن العز الأمر جداً مختلف، إذ يتباهى الأردنيون بنشر صور الجيش ومدرعاته تزين صدر العاصمة عمان ومداخل مدننا الأردنية،ويتسابقون للتصوير معهم، فمجرد وجودهم يبعث الطمائنينة بين أفراد الشعب، هذه علاقة لا تراها في ارقى دول العالم، أجهزتنا الأمنية والدفاع المدني والدرك، كلنا في بيوتنا مترفين ننعم بخيرات الله وبلدنا، وهم على الطرقات والشوارع والحدود يحرسون وينقذون ويضمدون الجراح، يسهرون تحت ظروف قاسية، بادنى متطلبات الراحة، ولا نسمع منهم شكوى ولا تذمر، تنظر في وجوههم التي لفحها شمس الوطن وبرده، فتخجل من ابتسامة الرضى والحب والنخوة على محياهم، يهبون لخدمتنا بكل ما أتاهم الله من قوة، يخاطرون بأرواحهم، يتركون عائلاتهم لفترات طويلة، هذا هو الإيثار وهذا هو الأردن وهؤلاء جميعاً كبار البلد وكراسيها، ولا يفوتني أن أذكِر بعض من يسمون أنفسهم كبار البلد، في الرخاء نجدهم يُنَظرون ويعتلون منابر النقد والتجريح والسياسة النفعية لتسويق انفسهم، وبالمناسبة غالبيتهم مليونيرية ولديهم من المال الكثير، للأسف ننظر حولنا فلا نراهم، وكأن الوطن لا يعنيهم، فهو بقرتهم الحلوب فقط، يختبئون في مزارعهم او خلف جدران قصورهم، أقول لهم إذا لم تبذلوا مما كنزتم حلالاً كان أم حراماً لسد دين الوطن في رقابكم فمتى نحتاجكم؟ تأسو بتاجر الخضرة الذي كتب على باب محله يدعو أي محتاج ولا يملك المال للدخول وأخذ ما تحتاجه عائلته دون مقابل لوجه الله والوطن، نفخر ببلدنا بمواطننا بمؤسساتنا بوزاراتنا بكل الجهود الإستثنائية التي تُبذل، بلد محدود الموارد لديه عجز كبير في الميزانية، يعزل الآلاف في أرقى الفنادف، إختصرت سيدة أردنية المشهد وهي ترد على عابث يجلد الوطن بتصوير يدينه من فندق خمس نجوم، مستكثرا الإنتظار لحين ترتيب أمور الناس، بكلمات من القلب في حب الأردن وترابه، مثلما استوقفني فيديو لمواطن عراقي يمتدح الإجراءات لبلدنا ويقارن ويفتخر بأداء الجميع، هو الأردن الذي كتب فيه الشاعر اللبناني سعيد عقل وتغنت به فيروز… أردن أرض العزم أغنية الظّبا… نَبَتِ السُّيوفُ وحَدُ سيفِكِ ما نَبَـا… فِي حجمِ بعضِ الوردِ إلَّا أنَّه… لك شوكةٌ ردَّتْ إلى الشَّرقِ الصَّـبَا… فرضتْ على الدنيا البطولةَ مشتهى وعليك دينًـا لا يخانُ و مذْهَبَــا ،
هو الأردن الذي تغنى به شاعرنا الكبير حيدر محمود… هذا وطني
حلو.. أو مر.. هذا وطني.. وانا اهواه! يسعدني.. او يشقيني.. لا أرضى بسواه!
واذا ما شاء العشق له، أن أغدو حجرا..
او زهرة دفلى.. او قطرة ماء..
فله ما شاء، له.. ما شاء..
وليحفظه المولى..
موالا للفرح الاخضر،
فوق شفاه الزعتر، والحناء...
وصلاة للعطر، بقلب الزهر،
تفجر منه مواسم عشق،
ومراسيل.. وبيادر صحو، ومناديل..
وصبايا، مثل مروج القمح، تميل!
وليحفظه المولى..
شمسا دافئة الوهج، ووعد غرام..!
وجديلة زهو في الحدقات السود، تنام!
هذا وطني..
هل في الدنيا وجه احلى من وجه حبيبي!؟
لا… ليس في الدنيا وطنٌ نرضاه غيرك يا أردن، فيك مواسم العشق، وأهازيج الفرح، ودعوات الأمهات والشيوخ، مهما عاث فيك الفاسدين ومهما داهمتك الخطوب، تنهض شامخا، لتسطر بتلاحم شعبك حكومة وقيادة اجمل وأبهى الصور، أملنا بالله وبكل الجهود المخلصة أن نتجاوز هذه الأزمة ونخرج أقوياء ونكرس لحمتنا وخوفنا على وطننا نبراسا لنا جميعا في قادم الأيام، محروس يا بلدنا، محروس يا أردن، حماك الله يا وطني.