هي حكمة الله بأن يداهمنا كوفيد 19 فايروس كورونا القاتل الصامت العابر لكل الحدود، إلى ما قبل الكورونا كنا جميعا منهمكين في أمور حياتنا وعملنا ومستقبلنا ومن حولنا، ولنعترف، اصبحنا عبيداً للحياة والإستهلاك والعمل، وأصبحنا كالآلات المبرمجة، نصحوا صباحا ونبدأ يومنا بجدول مهام وواجبات لا ينتهي، ونعود مساءً مثقلين إما بالإحباط أو الهم أو الغم أو بعض نجاح إما في العمل أو التجارة أو أي من أبواب الحياة، وبين هذه الفسيفساء لم نجد مجالاً لنتوقف ونبحث عن الحب، الذي اصبح وهماً وفعلاً مستتراً نخفيه أو نظهره إن وجد على إستحياء، وفي الغالب علاقاتنا الأجتماعية في بيئتنا أو في العمل علاقات يغلب عليها طابع المصلحة، ولم يكن يحركها الحب الفعلي، والحب الذي أقصده في مقالتي، هو دفق المشاعر الإنسانية التي تخلق إتجاهات إيجابية بيننا، كأفراد أو جماعات، كحكومة أو دول، اصبح المال والتقدم التكنولوجي المتسارع والتنافس التكنولوجي والعلمي والتجاري والصناعي هو أساس علاقات الدول، وهو صانع المؤامرات والحروب والدمار في ذات الوقت، لأنه يشكل عنواناً للمنافع أو لتضارب المصالح، وقس على ذلك المنافع وتضارب المصالح بين الأفراد.
ربما أعادنا هذا الكوفيد 19 فايروس كورونا إلى نقطة، نعيد من خلالها حساباتنا جميعا، كأفراد ومجتمعات ودول، مرض قاتل عابر للحدود، تساوى فيه الدول المتقدمة والمتأخرة، الغني والفقير، الشرق والغرب، في لحظة توقف كل شيء ، وصرنا نعود لبعضنا، يحكمنا صراع البقاء ونبحث عن حب فقدناه، الحكومة التي فقدنا ثقتنا فيها وبوزرائها منذ زمن، والتي لم تشعرنا من قبل أنها تحبنا من خلال أفعالها، اصبحنا نحبها ونقدر لها كل ما تفعله من أجلنا، وتناسينا لها كل شيء، الدول ألغت الفوارق وصارت تخطب ود بعضها، للتعاون في وقف هجمة الفايروس اللعين، اصبح حظر التجول واقع، والخروج للشرفة أو إيصال القمامة للحاوية نزهه!، أصبحنا ننتظر على الشرفات سيارات توزيع الخبز، وعندما حضر بعضنا تصرف بحضارية وحب وبعضنا بهمجية وأنانية، في زمن الكورونا مطلوب منك أن تحب نفسك بأتباع كل التعليمات ولكي لا تصبح حاملا ومريضا بالكورونا، ومطلوب منك أن تحب من حولك عائلتك ومخالطيك بأن لا تنقل لهم المرض، فالحب أصبح فرضا علينا جميعاً لأن كل واحد منا اصبح مسؤولا عن نفسه وعن مجتمعه، الحب في زمن الكورونا هو ليس حب قيس وليلى ، الحب في زمن الكورونا هو أن تقعد في بيتك، وأن تنفذ كل توصيات الجهات المسؤولة لنحافظ على مجتمعنا ونواجه الفايروس وأنتشاره، الحب في زمن الكورونا هو أن يعيد كل شخص مسؤولا كان أو ذو نفوذ أو متكسب أو فاسد ما سرقه من المال العام لخزينة الدولة، الحب هو أن يعود اصحاب الثروة والنفوذ من سياسيين وغيرهم عن أنانيتهم، ويتبرعوا بسخاء للوطن والجهود الحكومية لمكافحة الوباء، لا أن يختبئوا في مزارعهم وبيوتهم وكأن الأمر لا يعنيهم ، حيث لم يسعفهم إنتشار المرض، حزم حقائبهم والهروب إلى قصورهم بالخارج، الحب في زمن الكورونا هو أن نشعر ببعض وأن لا نتهافت على احتياجاتنا اليومية أو الغذائية دون حساب لغيرنا، الحب في زمن الكورونا هو أن تنفذ قرار السماح بشراء احتياجاتك بشكل صحيح دون تجمهر وضمن حاجتك، الحب في زمن الكورونا هو أن نسجل إنتصاراً على المرض بحضاريتنا، فقد أثبتنا منذ بداية الأزمة أننا قدها كما قال ملك البلاد، ولكن ما حصل في الأمس من البعض، أعادنا إلى نقطة الخوف نقطة الأنانية والامبالاة، وهذا مالا نريده، لسنا في باب وضع المسؤولية على الدولة أو الشعب، نحن الآن بذات المركب وجسد واحد، مطلوب أن يكون الحب عنواننا، حب الخير حب الوطن حب الحياة يجب أن يقود سلوكنا، فإما أن ننتصر جميعاً أو نخسر جميعاً، فإذا نجحنا في معركة الحب سننجح في معركة الكورونا وسينجح الوطن بعون الله… حمى الله الأردن.