واقع عالمي متخم بسياسات " التسليع والتشيييء objectification" و"الرقمنه digitalization" حتى للبني آدمين و بسياسات"التسليح weaponization " للمثل والقيم بما فيها المنظومات الأخلاقية ومبادىء حقوق الإنسان الى جانب سياسات التسليح armament ...واقع قميء احالنا الى مجموعة روبوتات robots مسلوبي الارادة والاختيار والقرار والرأي والتفكير ...على نسق معيز الرعي sheeples ..
مبرمجون وجاهزون دوما لتحميل اي تعليمات او أوامر دون وعي او إدراك ...وما زلنا نعتقد بعد كل ذلك بأننا أحرار وما زلنا " مفكرين" ....ولا ندري باننا نسير في دهاليز العبودية وبه منخرطون... كل ذلك يجري تحت مسمى " الحداثه" وعصر " التنوير" ....فهل يكون التنوير باتباع سياسات التجهيل ؟؟ !!
نعيش في عالم القشور ...وبين القشور نحن تائهون....وعن اللب نحن غائبون او مغيبون .....لذلك، فلنبقى في عالم الأحلام فهو أجمل بكثير... ففيه نجد حقا واقع جميل... في عالم الخيال نعيش كبني آدمين....فقد سئمنا هكذا واقع لم نسلم به من كل هذا التخريب والترهيب...زمن سلبنا به الوعي ونحن بكامل وعينا غير واعيين.... سلبنا قيمتنا كإنسان...فأصبح الانسان " سلعة " و"رقما".... وتحت شعار الإنسانية، سلبت انسانيتنا بالتدريج... .سلبت مشاعرنا وأحاسيسنا ....فأصبحت معلبه" و"موجهه" و"مقننه" .....فعن اي واقع نتحدث ولم نعد به نشعر بأننا فعلا بني ادمين....ليس تشاؤما ولكن اقرار لواقع مسكوت عنه، وكلنا فيه نعيش.... ورغم كل ذلك، سنبقى متفائلون على الدوام ، لان الكون قائم على مبدأ التوازن ومبدأ الدوران والتغيير.....والحال لا بد له من تبديل ....ولا شيء مستحيل...فالامل دوما حي لا يموت......يرتع في عالم خصب عند كل صاحب فكر متقد ثائر يرفض هكذا واقع وينشد الأفضل والاجمل للجميع ...
لسنا ضد الحداثه والعصرنه ..ولسنا برجعيين ...ولكننا ضد "القولبة" و"التنميط" وضد اسقاط كل ما يسمو بنا كانسان من قيم واخلاق وضمير ...فكل ما نمر به ما زال في مرحلة التجريب ...فلا حضاره ولا أمة ولاعالم يزدهر من غير اعتبار "لحسابات الاخلاق" ودون "الاحتكام لمحكمة الضمير" ... فلن تقوم او تعمر حضارة ان كانت قائمة على التخريب... فلا حياة لاي حضارة ان كان صانعها "انسان بلا اخلاق ولا ضمير"....ولنا في الامم الغابرة في قصص التاريخ عظه ودرس مفيد ....فمعيار قياس انسانية الانسان "معيار اخلاقي مضبوط على ايقاع الضمير" ...وفي الختام ، لن يصح الا الصحيح ... فامتحان الزمن قادر على اسقاط كل ما لا ينفع وعجلته لا بد ان تدوس كل ما يضر البني ادمين .. فصراع البقاء قائم لكن لا بد أن يخضع لمبدأ الانتخاب الطبيعي الذي لا يقبل اي تدخل وغير قابل للتشوية - ولا بد ان يفرز وان ينتخب كل ما هو جوهري وأصيل ...ولا بد ان يرفض كل ما هو سيء وخبيث ...نعم البقاء للاصلح ...ورغم ان الصلاح كمعيار في زمننا أصبح متعدد الأوجه ويحتمل الكثير من التأويل عند الكثيرين الا انه لن يعمر الارض الا الانسان الصالح النبيل بالمعنى الجوهري للصلاح دون تحريف ... سواء في المنظور القريب او على المدى البعيد ...