الشهداء الأردنيون المزروعون تحت أشجار التين الزيتون ، هم أصدق رسالة وأنقى رواية أن الأردنيين عندما ذهبوا لفلسطين ذهبوا عشاقا للشهادة ، ذهبوا بالقليل من السلاح ولكن بالكثير بالإيمان والعقيدة ، وأن مهر فلسطين غال ، هو الدم والروح ..
ينهض الحندي المجهول من تحت شجرة قرية بيتا بلا اسم لا يعلمه إلا الله ، وسرّه مع الله وحده ، يحمل على أكتاف أبناء القرية الطيبة لينام من جديد في مقبرة القرية ..
بعد ثلاثة وخمسين عاما يعود ذكر الشهيد ويفوح كالمسك ،يقول أحد أبناء قرية بيتا بالقرب من نابلس رزق الله الأقطش أن الشهيد تم إطلاق الرصاص عليه ومنع جنود الجيش الصهيوني أحد من القرية أن يقدم له الإسعاف حتى تصّفى دمه ، وهو إعدام ميداني لمقاتل شجاع مع جيش من الجبناء ، وأضاف شاهد العيان وهو في السبعين من عمره الآن أنه قام بدفنه هو ووالده في قبر تحت شجرة تين بجانب الطريق ، ولا يحمل الشهيد أيّة وثائق أو دلائل تدل على اسمه ..
وظل طوال ٥٣ عاما هنا حتى جاءت جرافات العدو لفتح طريق جديد ، فانكشف قبر الشهيد ، لذا قاموا اليوم أهل القرية من الشعب الفلسطيني البطل ، وهم من جاوروا الشهيد نصف قرن وقاموا بنقل رفاته إلى مقبرة القرية بمراسم عسكرية وشعبية ورسمية وإحتفال مهيب ليقول للناس أن الدم واحد والمصير واحد والعدو واحد ، والدم لا يقسم أبدا ..
سلام عليك وسلام على شهداء الجيش العربي في القدس ونابلس وتل الذخيرة والشيخ جراح ووادي التفاح وجنين واليامون .. سلام لدمكم الزكي وذكركم الندّي ، وسلام لجيش ما زالت مدافعه نحو الغرب ، وما بدّلوا تبديلا...