قبل أيام طلب منّي مدير التوجيه المعنوي في قيادة الجيش العربي زيارته ، بعدما قرأ مقالي " عندما يتكّلم قائد الجيش" ، كان اللقاء دافئا مثل شمس التشارين وطيبا في مكتبه في القيادة العامة، والتي تغفو على الربوة في طبربور ، والمطلّة على طريق ياجوز حيث مرّت من هنا جحافل دبابات الجيش العربي الذاهبة من الزرقاء إلى فلسطين .
العميد الركن طلال الغبين أفاض بعبارات الشكر والثناء ، وأشعرني بالخجل ، كان كريما وهو البدوي الذي تخرّج مع أعرق المعاهد الأمريكية، لمع في بالي حينها قول حبيب الزيودي :" حُمر النواظر وفيّات عهودكم ..." .
توهج وهو يتحدث عن قيمة الجيش والعسكرية في وجدان الأردنيين ، تلمح أثر الشمس في وجه، ولا تستغرب عندما تعرف أنه من ضباط الدروع والدبابات ، وقد كنتُ واحدا منهم وأعرف شجاعة وشراسة هؤلاء ، وقد قاد لواء في عمق أزمة كورونا وكان مسؤولا مباشرا عن منطقة عزل البحر الميت التي أستقبلت الآلآف من الأردنيين يومها.
تحدثنا عن الجيش العربي وتاريخه وسير الشهداء والرؤية الإعلامية والرسالة التي يحملها التوجيه المعنوي اليوم ، ويجب أن يكتب تاريخ الكتائب والسرايا بعمق فكري متأصل، ونحن نعبر المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية ، بدا لطيفا كمسؤولي الإعلام والعلاقات العامة في الجيش كالحرير الذي يغطّى به الفولاذ الصلب .
لا أكتب شاكرا ، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله ، ولسنا بمحمودين إن كتبنا للجيش ، ولم يكن قلمي يوما إلا إنحيازا لبلادنا وجيشه ولناسه الأنقياء الطاهرين ، ومحبة للقرى والبوادي والقصائد والفروسية والفرسان .