هناك أسماء لامعة تمر علينا في حياتنا لم تتبدل ولم تتغير وبقيت مرتكزة على قاعدة فلسفية أساسية في الحياة، ومبادئها تبقى ثابتة لا تتغير من الصدق والأمانة والإخلاص والوفاء. وكثيرون لأجل قناعاتهم ومبادئهم دفعوا أغلى الأثمان وقدموا حياتَهم قربانا على مذبح الإنسانية فداء عن مبادئهم وسلوكهم ونهجهم وصدق إنتمائهم.
ولربما عصرنا اليوم لا يُقدِّر معنى الوفاء والإخلاص لأنَّ الحياة عندهم تقاسُ بالمادة والإنحراف والفساد والإنجرار وراء الكراسي والسلطة والبرستيج، فالذي يتكلم اليوم هي لغة القوة وليس قوة اللغة والمنطق والقانون والعدالة..
ولكن من جانب آخر وإن تبدَّل كثيرون وتغيروا بفعل الظروف والمناصب وغيرتهم الأيام وخلقت منهم شخصيات لا إنسانية وشخصيات أنانية لا تفكر إلا بالمزيد من القوة والسيطرة والإستغلال وملئ الجيوب والبطون، ما زالنا نسمع عَن مَنْ لم تَقدر الأيام ولا غياهب السجون ولا الحرمان ولا القهر ولا الإغراءات المادية والعالمية أنْ تُحيدهم وتُغيرهم عن قناعاتهم الإنسانية التي أوجدها الله في قلوبهم. فافتقروا ولكنهم استغنوا كرامة وقيمة ومكانة في عيون كثيرين وفي نظر السماء. فَرُبَّ قائلٍ، أين نصرفها هذه القيمة وهذه الكرامة في عصر المادية ومفهوم "اللي معه قرش يساوي قرش" وزمن الصراع والبقاء للأقوى ؟
وأقول ما قيمة المادة في زمن الإنحطاط الأخلاقي والقيمي وزوال المبادئ الإنسانية ودفئ العلاقات البشرية وقيمة المحبة التي فقط بها نقدر أنْ نُعايِنَ وجهَ الله ونستريحَ في ملكوته الأبدي حيث الكنز الحقيقي الذي لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل هناك في العالم السماوي الذي نحضِّر نفوسنا إليه.
فمن يجعل الأيام والظروف والاحوال تُبدِّله وتغيِّره وَتَحيد به عن مبادئ الإنسانية والأخلاقية قد انحدر إلى مستوى اللاإنسانية وسقط من عين الناس وعين الله. وطوبى لمن لا تقدر الأيام أن تبدِّلَه بل تَزيدَه صلابةً وبريقاً كالذهب الذي يلمع كلَّما اكتوى بنار التجارب والآلام.