181179 نواير مع الجدّة وبيت الطين..  :: وكالة نيروز الاخبارية
2025-12-06 - السبت
كأس العرب: ثنائية العراق امام السودان تقوده لربع النهائي nayrouz الحياصات : وزارة التربية والتعليم اتخذت في وقت سابق كافة الاستعدادات والجاهزية لاستقبال فصل الشتاء nayrouz مديريات تربية تؤخر دوام مدارسها الأحد nayrouz تربية البترا تؤخر دوام المدارس .. وتفويض المديريات بالقرار nayrouz د.رهام غرايبة رئيسة لجنة الصحة في حزب الميثاق الوطني في محافظة إربد nayrouz الترخيص المتنقل المسائي في الرصيفة من الأحد للخميس nayrouz الأرصاد تحذر الأردنيين من البرق nayrouz ورشة فنية للأطفال ضمن مبادرة "في كل بيت فنان..صور nayrouz عضيبات يكتب :"مخالفات السير والترخيص والتأمين… أزمة واحدة بثلاثة وجوه" nayrouz العزة يكتب :"اليسار التقدمي الديمقراطي الاردني ماذا ينتظر … مهدي منتظر ينقذه قبل أن يحتضر؟ nayrouz "هيئة الاعتماد" يقر تسكين تخصصات جامعية nayrouz وفاة المهندس جادالله سعود ندى عبيدات "ابو مجدي". nayrouz سلطة إقليم البترا تؤكد خلو الموقع الأثري من الزوار حفاظا على سلامتهم nayrouz حفل زفاف مهيب لشاب وسام صالح الجبور في قاعات لين للاحتفالات...صور nayrouz الملك عبدالله الثاني يبحث مع المستشار الألماني ميرتس تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتطورات الإقليمية nayrouz القاضي: البطالة أكبر تحد في الأردن وليس الفقر نظرا لتكافل المجتمع اجتماعيا nayrouz ختام ناجح لبطولة السعودية للهواة للجولف على ملاعب نادي ديراب nayrouz الزبن يكتب نشامى… حين يصنع الأردن مجده بعرق أبنائه nayrouz الحكومة تحدد موعد قرعة «خدمة العلم» nayrouz الدوري الالماني: بايرن ميونيخ يحلق في الصدارة وليفركوزن يسقط امام اوغسبورغ nayrouz
وفيات الأردن ليوم السبت 6 كانون الأول 2025 nayrouz وفاة سلامه سويلم المناجعه "ابوصالح " بعد صراع مع مرض عضال. nayrouz وفاة ماهر أمين القدومي أبو ليث في الأغوار الشمالية” nayrouz الحاج محي الدين إبراهيم الكيلاني "أبو أحمد" في ذمة الله nayrouz شكر على تعاز nayrouz قبيلة بني صخر عامة والسلمان الخريشا خاصة تشكر المُعزّين بوفاة المرحمة مني علي الرشيد زوجة المرحوم ممدوح خازر سلمان الخريشا ووالدة المحافظ حاكم ممدوح الخريشا nayrouz وفاة الرائد محمد قاسم الحراحشة.. nayrouz وفاة الحاج زهري محمود فلاح الجعافره " ابو صلاح" nayrouz وفاة الرائد محمد قاسم الحراحشة من الخدمات الطيبة nayrouz وفيات الأردن ليوم الخميس 4-12-2025 nayrouz شكرا على تعازي بوفاة المرحوم الحاج عبدالله غوري الغيالين الجبور nayrouz الحاج محمد المرعي العقله بني مصطفى " ابويوسف" في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن ليوم الأربعاء 3-12-2025 nayrouz وفاة الحاجه رشيده رجا الغريب زوجة المرحوم علي الحردان nayrouz هيثم الوريكات العدوان يعزّي بوفاة والدة المحافظ حاكم الخريشا nayrouz نيروز الإخبارية تعزّي بوفاة والدة المحافظ حاكم ممدوح الخريشا nayrouz الجبور يعزّي بوفاة والدة الدكتور حاكم الخريشا. nayrouz وفاة الحاجة منى زوجة المرحوم ممدوح خازر السلمان الخريشا nayrouz وفاة الشاب هيثم محمد منصور الزبن " ابو محمد" nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 2-12-2025 nayrouz

نواير مع الجدّة وبيت الطين.. 

{clean_title}
نيروز الإخبارية : كتبت جميلة عويصي السرحان.. مع ترويحة الوداع الأخير للفجر تطل ‏الشمس على ‏استحياء ‏فتخرج ببطء شديد عبر رموش الغيم المسهّد من حكايات الوجود ، ليهلّ شعاعها برفق على خدّ قرية أم محمد الطينية . ‏تنهض الجدة أم محمد ‏سيّدة الخبز في ذاك الحي ‏الطيني المنازل ‏، فحملت معجنها وأخذت تضع الزبل في فرن الطابون ثم أشعلت النار فيه ، فافترشت الارض ‏ورمت عن أكتافها دامراً يقيها من برودة الصباح الباكر ، ثم شدّت محزمها ‏وأخذت تعدّ أقراص العجين حينًا وحينًا ‏بعصاها الطويلة تُحرّك نار الفرن ليزداد توهجها وتصبح جمرًا ، ثم تشرع بالخبز ‏. وإذا برائحة خبز الجدّة يعبق بالدار فتنهض نواير وإخوتها ويتحلّقون حول الموقد كفراشات ، فتأخذ وتقسم لهم الجدّة من أرغفة ‏الخبز الساخن فيأخذونه بأيديهم الصغيرة ‏وينفخون عليه لعلّه يبرد قليلًا ، وهي تنظر إليهم بفرحٍ كبير وتقول: (كلّ يا ابني ‏وهو ساخن خليه يدفي قلبك) ، ‏لم تعلم نواير حينها أن بداخل ذلك الخبز حنانٌ كبير يدفئ القلوب فتستكين . ‏ذاك الحب الذي لا ينصب ‏كجدول يفيض كلّ شروق كانت بروحٍ جميلة ‏وذات جديلة عربية كخيلٍ ‏أصيلة وجهها بلون قمح بلادي ، وبإبتسامة ‏دفء وحنان تنظر إلى شقوقٍ ‏أحدثها ‏الصيف في منزلهم الطيني ‏وهي ‏ ‏تدعي أدعية ‏تدخل القلب لتزداد البركة في كلّ شيء ، وما أن تنتهي الجدّة عملية ‏الخبز فتنادي على نواير وعمتها ليذهبن إلى المحفرة ‏ليحضرن ‏كمية من التراب الأسود الصالح لتطيين البيت وإصلاح تلك الشقوق قبل الشتاء. فتسير الجدّة أم محمد ووراءها نواير وعمتها وسط صياح ديكة القرية وذاك الراعي يقود قطيع غنمه ، وجارهم أبو سالم يعلف بقرته شيئاً من التبن والقش فتسلّم على هذا وتدعو لذاك بالبركة الى أن تصل إلى المحفرة. والتي كان بالقرب منها حجارة سوداء وبيوت قديمة جداً، قد تدحرجت حجاراتها هنا وهناك و(صيرٍ) بسناسلها وحجارتها السوداء ، وجدّة نواير تحمل وعاءًا كبيرًا صُنع من (الكاووتش) وعمتها حملت مجرفة، أمّا نواير فأخذت تتقافز وراءهن وبيدها كسرةً من الخبز ، فتارةً تقضمها وأخرى تجلس تلعب بتلك الحجارة السوداء فتنادي عليها جدتها بصوت عالٍ (هيا يا نواير اكربي حالك يمه). والجدّة تسير ويديها وراء ظهرها وتتفحص الأرض والتربة فتمسكها مرة بيديها ومرة تفركها لترى جودتها ومتانتها وهل تصلح للتطيين أم لا. ثم تأخذ الجدّة بالحفر بالقرب من المحفرة في تلك المنطقة المرتفعة قليلاً فتأخذ منها التراب الأسود الذي رأت أنه المناسب ، ثم تنخلّه بالغربال لتنقيه من الحجارة. وبينما هي منشغلة واذا بنساء الحي قد تجمعن وجئنها ، ونواير فرحة بصويحباتها ،جئن باثوابهن وكلّ قد تحزمت بوسطها بشماغ أو (شبنر) أو منديل ، فيحملن التراب أمام البيت الطيني وهناك يخلطن التراب الذي هو أصل الخليقة مع التبن ويجبلنه مع الماء . وكانت نواير وبنات الحي لعبتهن جبلة الطين هذه فيدعسنه بأرجلهن وهن يتضاحكن وكأنهن في مدينة للألعاب ليس لها مثيل في الأكوان. حتى يصبح طيناً كأنّه الباطون ، فيقطعن منه قطعاً مثل الكرات وبحجم قبضه اليدين ، تقوم الأولى برميها إلى واحدة تقف على وسط السلم فترميها هي الأخرى على من تقف على السقف وتناولها للمختصة بفرد الطين على السطح ودلكه (بالمدلك) ، ولمن لا يعرفه فهو عبارة عن حجر أملس من حجارة الوادي بحجم الكف يقوم مقام (المسطرين) بأيامنا هذه . وصيانة السطح والجدران هذه وتطيينها قبل فصل الشتاء خوفاً عليها من التلف ، إذ كانت تأخذ وقتاً طويلاً من الطيّانات ، وكان عملاً شاقاً . فكن مع الجدّة ام محمد يلجأن للغناء والزغاريد في محاولة قتل الوقت ونسيان التعب وبث الروح المعنوية في نفوسهن وتشجيعهن. (ياطالعه ع السلالم والهوا غربي.. قربت الشتويه قربت ي خوف قلبي.. يا طالعه ع السلالم والهوا نسايم.. بالله بالطينه ردي حطينا المايل.. ) وكانت تتم هذه العملية عادة بعد المطرة الأولى التي تعتبر بداية الموسم الفلاحي ، فتنتشر رائحة الحارات الترابية وأدخنة أفران الزبل ورائحة خبز القمح الشهي ، فهذه الشتوة الخفيفة تحذر النساء اللواتي تأخرن للبدء بتطيين بيوتهن فيبدأن بسدّ الثقوب وتمليس الواجهات وكذا الجدران الخارجية ويفتشن جيداً لسدّ الشقوق ومن هنا جاء المثل ( مثل المطينات ). أما آخر مراحل التطيين تكون بدمغ بعض الواجهات والمدخل بالصلصال الأزرق للزينة ، مستخدمين فيه فراشات نباتات (الطيّون) ويقال أن الطيون كان اسمه (طيوب) تطيب رائحته الكافورية ، لكنّ الفلاحين سمّوه طيّوناً لأنه يستخدم في عملية تطيين البيوت . بعد انتهاء العمل مع الجدّة أم محمد تقوم كنتها بعمل الطبخة الريفية المعروفة وتسمى (طبيخ الطيانات) وهي (برغل ،عدس،سمنه،زيت زيتون، والى جانبها اللبن ) وتؤكل مع الفجل والبصل الأخضر ويتناولونه بكل سرور وقبول وانبساط وهن يتجاذبن أطراف الحديث . فتنظر نواير الى النسوه وقد تمرّغت أثوابهن (بالحور والتبن) وجلسن جزلات يتضاحكن لشرب الشاي غير آبهات بذلك الطين الذي علق بأثوابهن وأيديهن وأرجلهن ووجوه وشعر أطفالهن ، فأمر العمل لديهن أكبر وأهم وكلّه لديهن بقليلٍ من الماء يُغسل . وهنا تتراكض نواير وصويحباتها إلى الجدّة بطلب المال لشراء الحلوى من الدكّان المقابل والذي وضع صاحبه كرسياً من القش أعلى درجاته الحجرية ، وجلس يترقب الصغار ويحل مشاكلهم بالمناداه عليهم ، إثر انشغال الأمهات عنهم بالتطيين ، فتعطيها جدّتها قروشاً حمراً وقرطات (القرطة بمقدار قرشين ونصف ) فتتراكض نواير وصويحباتها إلى الدكّان وقد أمسكت جيداً بالقروش ، وما أن وصلت فتحرر القروش من يدها وقد تعرقت وصار لها كرائحة الحديد الصدء وهي تلهث وتقول ل أبو سالم : اعطني (كعيكبان) فتأخذها وتعطي صويحباتها كل واحدة قطعة، وتقول ل أبو سالم : رجع لي الباقي. فيعطيها حبة علكة فتقفز من أعلى الدرجات وهي تصرخ ( ضحكت على أبو سالم ) اعطاني علكة . وهي تسمع قهقهته وراءها ، لكنها تلك البنت القوية التي لا تهاب أحدًا ، وما أن تصل جدّتها فتنهرها وتقول : (ايش هذا يا نواير كوني البنت العاقلة يمه ). وفي تلك الجلسة مع النسوه تقول الجدّة أم محمد لهن: غداً ننتقل لبيت أم سالم وبعدها بيت أم صالح ربي يعافيكن يا طيبات يا نشميات. فتأخذ كل واحدة منهن أطفالها وتذهب لبيتها الطيني، وهناك في زاوية حوش البيت تغسل أيديهم ووجوههم من ابريق الوضوء ، ثم يأوون الى داخل بيتهم الدافئ بالحنان. أما نواير فتسرع لمساعدة أمها في الفراش لإخوتها ، وهناك في المجلس تجمع الرجال بعد عمل يوم شاق وقد أعدت الجدّة قلية القمح (البكيله) والشاي على الجمر مع القهوة السمراء ، في حين جلب بعضهم البلوط للشوي وهم يتبادلون اطراف الحديث عن حياة فلان وأيام الثلجة الكبيرة ويستمعون تارة للراديو واذاعة لندن ، وضحكات وصوت يخترق مسامع نواير وإخوتها وهم ينصتون لحكايات واساطير قرية الطين ، والجدة تتمتم وتلهج بالدعوات كثيراً بأن يحميهم ويحمي جميع الخلائق ، فتضع مسبحتها بجانب وسادتها وتستكين ، ولم تعلم نواير بأنها المرة الأخيرة لسماع تلك التمتمات ، فتسلم روحها الى بارئها وهي مبتسمة ، وإلى النور ذهبت وذهب معها رائحة أحلامنا ودفئ بيوتنا وعبق ضحكاتنا ، إلا أن رائحة الجدّة باقية في قلب نواير لا تنساها ابداً.