نيروز الإخبارية : نيروز خاص || الدكتور رياض شديفات
لا اتحدث هنا عن بيان انتخابي لكسب الأصوات والمؤيدين فلست من هواة الانتخابات ؛ ولكنني أطرح رؤية فكرية لواقع العشيرة الأردنية باعتبار العشيرة مؤسسة اجتماعية ، هذه المؤسسة تقوم بأدوار هامة في حماية النسيج الاجتماعي للمجتمع الأردني من التصدع والتفتت الذي يهدد المجتمعات بالحروب الأهلية والثأرات وغيرها ، ولها بعدان وهما :
- البعد الايجابي : وهذا البعد يتمثل بالدور الكبير والمؤثر في الإصلاح الاجتماعي عند حدوث المشاجرات والمنازعات حيث يتدخل عقلاء العشائر والوجهاء وأهل الحل والعقد في حل كثير من المشكلات التي لا يعالجها القانون بنفس السرعة والقدرة على ضبط الأمور وعودة الوئام إلى الناس ، وقد رأينا العديد من الصلحات التي حقنت الدماء على الأرض الأردنية وكان آخرها ما قام به الشيوخ والوجهاء والعقلاء من رأب الصدع في بلدة الصريح الغالية درة بلدات الشمال بسهولها ورجالها ، هذا الدور يجب أن يعزز وأن يتم رعايته رسمياً وشعبياً لصناعة قيادات اجتماعية فاعلة في مجتمع يؤمن بهذا الدور البناء والايجابي ، ولا يعقل أن يتم التضييق على العشائر تحت أي مسمى آخر مما نسمعه من دعوات مشبوهات في بعض وسائل الإعلام ؛ بل إنني أدعو إلى وجود مؤسسات تتبنى صناعة القادة المجتمعيين لتكون رديفاً للدولة لا بديلاً عنها ، وفي تقديري هذا عامل قوة في مجتمعنا الأردني بعدما افقتدنا رجالات وقيادات وزانة في المجتمع الأردني .
- البعد السلبي : وهذا البعد يتمثل في الثقافة الضيقة التي نراها في مواسم الانتخابات وفي الدعوات العشائرية في حالات المشاجرات والخصومات ، وهذا التوظيف السيء تعزز بفعل ممارسات رسمية بطريقة خاطئة عززت الجهة والمنطقة بشكل مقصود أو غير مقصود ، وترتب على ذلك ثقافة الجهة والمنطقة والعشيرة في المواقع والمراكز على حساب الكفاءة والخبرة، كما تعززت في ممارسات عشائرية انطلقت من منطلقات ضيقة استقوى بعضها على الدولة وعلى الآخرين ، ومن اخطر ما يدل على ذلك قوانين الانتخاب ، وتوزيع المناصب والامتيازات بطريقة خاطئة .
وعلى كل حال المؤسسة الاجتماعية لها رجالها الذين هم صفوة المجتمع وخيرة الخيرة ممن هم أكبر من المناصب والمواقع ، وأكبر من الانتخابات والصالونات السياسية التي فرًخت نخب لا هم لها إلا مصالحها ، وما يحدث من تصدعات في البنيان الاجتماعي في اكثر من مكان في بلادنا يتطلب الموازنة بين الدولة والمؤسسة الاجتماعية لحماية كياننا الاجتماعي ، والله من وراء القصد..
د . رياض الشديفات / 6/12/2020م...