كان العالم عبر السياق التاريخي والحضاري والانساني - يجمع بين اللصوص - والشرفاء - والمجرمين والضحايا والابرياء - وبين الاثرياء المتخمين - والفقراء المعوزين - هكذا كانت سيرة من سبقونا من الامم والشعوب - ومازلنا على ذلك - فظل الفقر - مصدر العلل ومنبع الاثام - والمال والسلطة - خير مفسدة للانسان الجاهل - فالمال والسلطة - عكس الاصلاح - ومن اعتى انواع الفساد - ففساد السلطة والمسؤولين - اذا استشرى بين الناس - دمر الزرع والحرث - وكبر على الامة والاوطان اربع تكبيرات - فالعدالة الاجتماعية تصبح في خبر كان - لهذا لايمكن لادوات الفساد ان تكون ادوات اصلاح جديدة - وكذلك لايمكن للفاسدين ان يكونوا في يوم من الايام مصلحين - فالفساد ثقافة وتربية ومبادىء هابطة - وكذلك الاصلاح - فهو قيم ومبادىء وتربية عالية - وشتان مابين اليد العليا واليد السفلى- ومن اشد انواع الفساد – الفساد الاخلاقي والقيمي – فاذا فسدت القيم والاخلاق والمبادىء فلا طمانينة بين الافراد ولا مجتمعات سوية تضمن الامن والطمانينة والعيش الكريم يقول احمد شوقي امير الشعراء في قصيدة الديك والثعلب كلام جميل في هذا المقام (...بـَرَزَ الثعـــْـــلَبُ يوماً *** في شـِعـــار الواعـِظيـنا
فـَمـَشى في الأرضِ يـَهــْـدي *** ويـَســُـبُّ المـاكرينا
ونحن بدورنا نقول مخطئا من ظن يوما ان الفاسد والخائن للوطن و للقيم والمبادىء الاخلاقية يمكن ان يصبح مصلحا اجتماعيا ومنظرا سياسيا وواعظا اخلاقيا الا في حال - انسحاب الشرفاء والمخلصين والوطنيين من المشهد العام وفسحوا المجال للتافهين والغلمان - ان يعبثوا و يسيحوا في الميادين والمواقع والساحات فتصبح شبكة الفساد في ديارنا العربية اكبر من شبكة الصرف الصحي في المدن الكبرى - وهذا هو القائم الان - و لكن مع كل هذا – ومن وجهة نظري – ان فساد الهرولة والتطبيع والسقوط الاخلاقي والقيمي مع العدوالصهيوني المحتل فهذا فساد مابعده فساد وهذا هو الفساد الاعظم الذي لايغتفر لا دنيا ولا دينا . !!!