ليست سير ومذكرات السياسين، هي المصدر الوحيد للتاريخ، فسير ومذكرات غيرهم هي أيضا مصدرا مهما لكتابة تاريخ الوطن بأبعاده المختلفة.
مناسبة هذا الكلام أن الصديق العين عيسى مراد، أهداني نسخة من كتاب "الحاج حيدر مراد رجل حقق المراد"، والذي يتناول مسيرة والده الحاج حيدر مراد، وهذه سُنة حسنة بدأت تنتشر في بلدنا، تتمثل في نشر المذكرات وتدوين سير الرجال الذين شاركوا في بناء الوطن، لأن هذه المذكرات والسير تشكل مصدراً مهماً من مصادر كتابة تاريخ وطننا، من هنا أهمية الكتاب الذي نتناوله في هذا المقال.
شخصيا أحترم الراحل، وقد شعرت في آخر مرة شاهدته فيها بمودة شديدة متبادلة بيننا، كان ذلك عندما جاء إلى ديوان آل التل في اربد معزياً ، أداءً منه لواجب الصداقة التي ربطته بالمتوفي وبغيره من آل التل، رغم أنه كان بإمكانه أن يتذرع بالمرض حتى يتجنب عناء الذهاب إلى اربد لتقديم واجب العزاء، في واقعة تكشف عن جانب مهم من شخصيته هي احترامه للتقاليد والوفاء للأصدقاء
كثيرة هي الصفات التي كان يتمتع بها "أبو عيسى"، فقد كان رجل علاقات من طراز رفيع، وأول صفات هذا الصف من الناس أنه ودوداً، كريم النفس صبوراً، لذلك لم يكن غريباً أن يتولى الحاج حيدر رئاسة لجنة التحكيم في غرفة تجارة عمان، فكان يحل الخلافات بين التجار دون أن تصل إلى المحاكم، كما كان ذا مقدرة على إصلاح ذات البين بين الناس .