فجر الأمس توضأت وحلقت ذقني بسرعة وصليت الفجر وإنطلقت بالأفانتي من العقبة إلى عمان، وقبل المطار شغلت خرائط قوقل الناطق ليقودني إلى قصر الحسينية، ووصلت قبل موعد الدخول بساعة ونصف، لأننا عندما نسافر من الجنوب إلى عمان نضع ساعة ونصف إحتياطا قبل الموعد.
توجهت لبوابة القصر، عرفت بنفسي، رحبوا بي كثيرا على الرغم من حضوري قبل الموعد بكثير، وتمت إجراءات روتينية للدخول بأعلى درجات اللباقة والرقي والتعامل الرائع.
وصل بعد ساعة بقية الحضور وعددهم ستة، وطلب منا التوجه من مكان التجمع للقاعة التي سنجلس بها بمعية سيد البلاد.
حضر معالي رئيس الديوان الهاشمي العامر ودولة رئيس الوزراء وعطوفة رئيس هيئة الأركان، وجلسنا جميعا ننتظر جلالة الملك، والذي شرف القاعة ليسلم على الجميع ببسمته الهاشمية، ويرحب بنا في بيته، مما يجعلك وبكل صراحة تشعر بالراحة وتخرج من أجواء الرسمية إلى أجواء أسرية، نعم أسرية وكأنك بين أهلك تماما.
تحدث سيد البلاد في البداية، وركز وشدد على مواصلة العمل بالوقاية والتباعد ووضع الكمامة، وذلك للحد من إنتشار الوباء والسيطرة على إرتفاع الإصابات اليومية، والإبقاء على القطاعات تعمل للحفاظ على أرزاق الناس، متأملا بفتح قطاعات اكثر وفتح المدارس عند الوصول إلى عدد إصابات أقل والسيطرة على الوضع الوبائي.
جلالة الملك تحدث عن رفاق السلاح من المتقاعدين، وعن توجيه كل الجهود لتحسين الواقع المعيشي لهم ولعائلاتهم، مقابل تطلعاته قريبا لإطلاق مبادرات مشابهة لتنعكس على بقية القطاعات والفئات الشعبية من المواطنين، ليشعر الجميع بالتحسن في الدخول والتغلب على صعوبة الواقع المعيشي، على أن يتم تقديم التسهيلات لتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
جلالة الملك يعي تماما أهمية مواكبة العصر بالحياة السياسية وصولا لأحزاب برامجية تشكل الحكومات مستقبلا، أمام مشاركة واسعة للشباب، وإيجاد حس وطني وقناعات توجه الناخب لإختيار المرشح الأفضل والأصلح ليمثله كنائب تحت القبة، بعيد عن كل المحسوبيات وبأنواعها.
سيد البلاد يؤكد في حواره مع الحضور على أهمية الأمن الغذائي المحلي، وعصرنة وتحديث القطاع الزراعي لزيادة الإنتاجية وتحسين نوعية المنتج، وتحسين واقع وظروف معيشة المزارعين وتمكينهم بفرص التسويق محليا وإقليميا، إضافة للتحسب إلى الشح الغذائي العالمي المرتقب أمام جائحة الكورونا والتغير المناخي على حد سواء، كما وركز جلالته على التسريع بكل سبل النهوض بواقع القطاع الصناعي والتغلب على التحديات التي تواجهه، وخاصة موضوع الطاقة.
ويؤكد جلالته على أهمية حل الدولتين بالشأن الفلسطيني، والتعاون مع الإدارة الامريكية الجديدة بهذا الخصوص، وبالتعاون مع الأشقاء الفلسطينيين وباقي الدول العربية، إضافة لحل كافة القضايا على الصعيد العربي.
يعي جلالة الملك تماما معاناة المواطن الإقتصادية وخاصة في ظل الظروف الوبائية العالمية، ويكرس كل جهوده وجهود حكومته وديوانه العامر للتخفيف من هذه التحديات، في وقت أشار فيه جلالته إلى أهمية تشغيل الشباب وإطلاق مشاريع زراعية وإستثمارية قريبا لتعود بالفائدة على الجميع ما أمكن.
جلالته يرحب بكل الأفكار، وهو مستمع جيد ويحاور ويعلق على كل المداخلات، ويكتب ملاحظاته بدقة وعناية، ويوزع المهام في نفس الجلسة، ويستمع لمداخلات وردود رئيس الوزراء ورئيس الديوان ورئيس هيئة الأركان، وعن الحلول القادمة والمرتقبة لأية طروحات ذات أهمية خلال اللقاء.
يلتقي رئيس الديوان الهاشمي العامر بالحضور لاحقا، ويتسلم منهم محاور ونقاط طروحاتهم خلال اللقاء السابق، للتأكيد على أن تصل كافة الملاحظات للجهات ذات العلاقة، ويتم متابعتها لاحقا.
قدمت ملخص أمام سيد البلاد حول رؤية وأهداف منتدى النهضة، وبما فيها الإقتصاد التعاوني شاملا المدينة الذكية ومشاريع المستقبل وصندوق الإستثمار الوطني، وأهمية تمليك أراضي هذه المدينة للصندوق لتباع لفئات الشعب بأسعار تفضيلية وعلى شكل أسهم وبالتقسيط على خمس سنوات، وللبنوك والمستثمرين والدول الشقيقة والصديقة بأسعار أعلى من ذلك وبسعر الكاش، مقترحا مساحة ٣٠×٣٠كم (اي ٩٠٠ مليون متر مربع)، لنتحدث عن ٩٠٠ مليون سهم (تبقى نصفها ملكا كأصول للحكومة)، وتخصيص نصف عوائد البيع للبنى التحتية والفوقية في المدينة التي ستتضاعف عشرات المرات أسعار أسهمها مع الوقت، مما يغني الصندوق والمواطن، والنصف الآخر من عوائد البيع لإحداث مشاريع تنموية تشغيلية في المحافظات، عبر خطة خمسية تحمل بطياتها فكر المشروع النهضوي الملكي ودولة الإنتاج.
عدت إلى العقبة العزيزة مساءا بذات اليوم لتبدأ على الصحراوي العواصف، مبشرة بخير من رب كريم بدخول بشائر الغيث والثلوج، فاللهم سقيا رحمة.