بعد حياة عسكرية ومدنية حافلة بالإنجاز والعطاء، وحياة عسكرية مليئة بالإثارة والاحداث، ترجل الفارس النبيل عن جواده ورحل بهدوء، العميد الركن المظلي والمحافظ السابق عمران امين خمش (ابو تاج)، احد القادة العسكريين الذي فرض ذاته بقوة، وعاش حياة البساطة والتواضع فاستحق محبة واحترام كل من عرفه، انتسب للقوات المسلحة تلميذ مرشح بتاريخ 1961/2/4 وأُبتعث بعد تخرجه الى دورة مظليين في امريكا، عاد الى عمان في شهر آذار عام 1963 بعد ان انهى مساق الدورة وانظم الى زميله الملازم اول محمود الغزاوي (عمي) الذي كان قد انهى ايضاً دورة في نفس المساق من امريكا في نهاية عام 1962 في مهمة بناء واعداد منشأت ميدان وابراج تدريب المظليين في احد معسكرات الزرقاء بمساعدة فريق من الخبراء الامريكيين، التقيته لاول مرة في مزرعتنا في الرصيفة بمناسبة دعوة والدي له ولرفاقه المدربين الامريكان للغذاء وقد ظننته في بداية الامر امريكي بسبب لون بشرته، وتكرر حضوره فيما بعد مع عمي كلما سنحت لهما الفرصة وهما في طريقهما الى عمان في سيارة اللاندروڤر ليأخذا قسطاً من الراحة بين الاشجار بعد يوم حافل بالتعب والمشقة والعناء وهما يرتديان الفوتيك العسكري المغبر والبوريه السوداء، بعد اشهر قليلة اكتمل تدريب الفوج الاول من المظليين الاردنيين وبتاريخ 1963/5/28 قام المغفور له الملك الحسين بحضور حفل تخريجهم في منطقة ماركا وتقليد اجنحة المظليين للمشاركين بالإنزال المظلي، استمر ابو تاج في تدريب دورات الصاعقة والمظليين وتدرج في الرتب والوظائف العسكرية المختلفة من بينها قائد كتيبة القوات الخاصة، آمر الكلية العسكرية، رئيس هيئة اركان الجيش الشعبي، مدير سلاح المشاة، ومرافق خاص لجلالة المغفور له الملك الحسين لمدة ثماني سنوات، شارك في معركة الكرامة وحرب الاستنزاف وحصل على العديد من الاوسمة والشارات، احيل على التقاعد بتاريخ 1990/3/1 وعين بعدها محافظاً في وزارة الداخلية، بعد تقاعده من الداخلية تفرغ ابو تاج لجمع سيرة وتاريخ اجداده الشراكسة الاوائل منذ هجرتهم الاولى لشرق الاردن، فهو من ابناء عمان، عاش في ازقتها وشرب من ماء ينابيعها وسيلها، واكب نهضتها واحتفظ في ذاكرته بالكثير من الصور والاحداث التي تتعلق بهذه المدينة حتى اصبح مرجعاً تاريخيا لكل باحث ومهتم بتاريخ عمان، اتصلت به بعد عرض مسلسل العاصوف على شاشات التلفاز وغضب الاردنيين اغفال ذكر دور اردني مفترض في عملية تحرير الحرم المكي، وسألته عن الموضوع فاجابني بصراحته المعهودة وبدون تحيز عن ادق التفاصيل كونه كان حينها مرافقاً للملك الحسين في تونس لحضور مؤتمر القمة من 20 - 22 تشرين الثاني 1979 وكان شاهداً على تسلسل الاحداث، وقد كتبت عن الموضوع كما رواه لي ومن مصادر اخرى اكدت الرواية في مقال مفصل في حينه، رحمك الله يا أبا تاج رحمة واسعة، وأسكنك الرحمن بواسع جناته، وألهم اهلك وذويك ومحبيك الصبر على فراقك الذي احزنني واحزن كل من عرفك وعرف خصالك الحميدة.