الصداقة معدن ثمين وإن كانت عملة نادرة هذه اﻷيام، لكن الصداقة بالنوعية وليست بالكم في هذا الزمان؛ فأعداد الأصدقاء كلما زادت أصبحت حمولة زائدة وعلى حساب النوعية:
1. الصديق الحقيقي نادر فعلاً كالمعادن النفيسة والأحجار الكريمة واللؤلؤ الدفين والألماس المُرصّع، فهو مَنْ يقف لجانبك في سرائك وضرّائك دون الإلتفات لمصالح ضيقة أو منافع رخيصة أو رغبة زائلة، لكنه يفعل ذلك وفاءً ومحبّة وإحتراماً لك، ويبقى في حياتك سواء وأنت واقفاً أو عندما تكبوا، فهو كحجر الصُّوان في صلابة موقفة لا كالثلج الذي يذوب في أول طلعةٍ للشمس!
2. الصداقة تكاد تندثر وباتت عُملة نادرة هذه اﻷيام، وإن وجِدَت كان معظمها للزمان والمكان والحدث والمصلحة، لكن وفاء الصداقة الحقيقية قد تلاشى فعلاً وغابت شمسه.
3. أشباه الأصدقاء –أصدقاء التقليد- تجدهم في الرخاء وسرعان ما يذوبون في وقت الشِدّة، يتكاثرون عند المناصب والكراسي الواقفة وسرعان ما ينسحبون عند أول هبّة ريح لدرجة أن الصديق لم يعُد لوقت الضيق!
4. أتفاءل بالصداقة لكنني أبعث برسالة للجميع للحفاظ على هذه العملة النادرة من الضياع والتي بضياعها تنهار منظومة قيمنا ومبادئنا.
5. الحياة تغيّرت والناس يتلوّنون ومشاغل الحياة وحاجاتهم الإقتصادية واليومية تأخذهم يَمنة ويَسرة، وربما المعظم وليس الكل بدأ يتعامل بالمبدأ الميكافيلي "الغاية تُبرر الوسيلة"، دون النظر لقناعة أو مبدأ، فأصبحنا في زمن التنازلات وزمن الحاجات وزمن النفاق الإجتماعي والوصولية للحصول على الغايات.
6. المصلحة والشِدّة باتت تفحصان معادن الرجال، فمَنْ كان للمصلحة –وهم كُثُر- لا يعرف معنى الصداقة بل يسلك طريق النفاق والوصولية، ومَنْ كان للشدّة –وهم قِلّة- كان الصديق الحقيقي الذي يُتاجَر به.
7. الصديق الحقيقي كالألماس وربما أثمن، وجوده نادر لكنه غالي الثمن، وما أكثر الأصدقاء حين تعدّهم لكنهم في النائبات قليل. وكثير من صداقات التواصل الإجتماعي دليل على ذلك.
8. الصداقة باتت كالسياسة تحتاج لمهارات تبادل المصالح والمنافع دون النظر للمعادن النفيسة بداخلنا وذروة سنامها الوفاء.
9. الصديق الصدوق الذي يمتاز بالوفاء واﻹحترام وحفظ الود واﻷسرار حتى وإن كان بعيدا أو ليس على وفاق مع صديقه!
بصراحة: الصداقات بين الناس تتلاشى وتطغى عليها المصالح الضيقة في زمن وسائل التواصل الإجتماعي، ومعظم الناس باتوا يتنازلون عن الكثير من المبادئ لغايات الوصول لأهدافهم دون الإلتفات لمصلحة غيرهم، فمعظم الناس أصبحوا أنانيين لا غيرين. وهذه دعوة من القلب لإخلاص النوايا والحفاظ على الصداقة من دون مصالح!