يَشهدُ التاريخ أن الاردنيين أصحاب نخوة وشجاعة وكرم ووفاء، ولا أستشهدُ بواقعة أو أشخاص فالتاريخ بمراحله والواقع بجوانبه مليء بالشواهد، وهذه الصفات ليست متلونة في اطباعهم، ولكنها "مجبولة" في اللحم والعظم، مما جعل اللحم مُراً لا يؤكل والعظم صلباً لا يُكسر لمن أراد أن يَغرسَ أنيابه في جسد أردننا.
فكم من عاصفة عصفت تريد أن تميل بالبيت، ولكنَّ الواسط كان ثابتاً راسخاً في وقفته وكنا وما زلنا حوله على ثغورها مرابطين، وكم من مرة زُلزِلَت هذه الأرض فأخرَجَت من تضاريسها الأصيلة، من صحرائها وباديتها، من ريفها وساحلها، من مدنها ومخيماتها، من جبالها ووديانها أوتادا كالجبال سطروا بالدم عبق التاريخ، فما تَمكن منا حاقد ولا حاسد.
وتستمر المسيرة، والتحديات والتهديدات لا تنتهي وحادثة مستشفى السلط موقفٌ لا زلنا عنده وقد لا نستطيع تجاوزه حتى الوقوف على كافة تفاصليه، فهناك أخوة لنا قد استشهدوا، ونسأل الله أن يكتبهم في عليين مع الشهداء والصالحين، وأن يُلهم أهلهم جميل الصبر والسلوان.
هذه الحادثة جعلت سيد البلاد يكون أول الواصلين إلى موقع الحدث لإدراكه هول الفاجعة والواقعة، ورأيناه ورأينا حجم الغيظ والغضب وهو يَعِدُ أنَّ ذلك لن يمر بدون حساب وعقاب. ولمسنا فوراً معنى أن يتدخل سيد البلاد مباشرة بإجراءات لاحقة .
وبالرغم من ان المصاب كان في السلط الا ان الوجع عم الوطن ومع ذلك فإن سلط الأصالة والكرامة خففت الآلام والاحزان. هذه الحادثة جاءت والوطن يعيش ظروف "الجائحة" التي القت ثقلها علينا وجعلتنا نَعُضُ على النواجذ وبنفس الوقت جعلتنا أكثر تكاتفا وتلاحما وزادت من إحساسنا ببعضنا بعضا، وبالرغم من هذا وذاك وما نعانيه الا أن هناك أصواتٌ تنادي بالخروجِ في مسيراتٍ تُدخلنا في متاهات، وتدعو الى تجمعاتٍ تُفرقنا اشتاتاً اشتات، تدعوا إلى الفوضى والعبث والمساس بمنظومتنا الأمنية.
هذه أردن الاحرار ولن يستطيع أيّ كان أن يمزق نسيج وَحدَتِنا التي هي عنوان كرامتنا، او ان يخلخل ثوابتنا التي هي أساس مواقفنا فنحن في الشدائد قلبٌ واحد وسنبقى بإذن الله دائما صفاً واحدا. قد نختلف حول العديد من الأمور وهذا طبع البشر، ولكن ما يجمعنا ويقربنا وما نتفق عليه هو اكثر، وهذا طبع الأردنيين خاصة عندما تهبُّ علينا رياح السَموم من الخارج محملة بالمكر والخبائث تستهدف كرامتنا وثوابتنا ووجودنا.
عهدنا ثابت وبيعتنا ثابتة وسنبقى الجند الأوفياء للقيادة الهاشمية. وأسال الله العلى القدير أن يحفظ الاردن ملكا وشعبا وأن يزيل عنا الداء والوباء والبلاء وان يحفظنا بحفظه المتين وأن يرد عنا كيد الكائدين.. ( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ).