واحد من أهم المقومات والمؤثرات في حياة الانسان والمجتمعات، ويرتبط مفهوم الاستثمار بالتنمية الشاملة، والتنمية هي عملية ثقافية تهدف إلى تحسين نوعية حياة الانسان وترتقي بكرامته وإنسانيته.
وإن كنا للوهلة الأولى وعندما نسمع كلمة "استثمار" يخطر على بالنا المال والاقتصاد، والربح والخسارة، والتردد والخوف والجرأة، والفشل والنجاح، صحيح فهذه المفاهيم جميعها لها ارتباط وثيق بالاستثمار، يعرف الاستثمار ضمن القاموس الاقتصادي والمالي ب"توظيف المال بهدف تحقيق العائد أو الدخل أو الربح".
هناك ارتباط وثيق بين الاستثمار والاقتصاد، فكلما تزداد نسب الاستثمار ترتفع على الفور التنمية الاقتصاديةً، وتساهم في توفير فرص العمل والانتعاش الاقتصادي وزيادة دخل الفرد وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة. فالاستثمار مربوط حكما بمفهوم التنمية المستدامةً.
وعملية الاستثمار لها جوانبها واسسها واهدافها ودعائمها.
فاذا أسيء استخدام الاستثمار فإنه يعرض المجتمعات والأفراد الى خسائر مادية وانسانية واجتماعية ونفسية لا تحمد عقباها؛ وتمتد تأثيراتها على منظومة القيم الاجتماعية والاخلاقية.
في كل يوم نسمع العديد من قصص النجاح لأشخاص بدأوا مسيرتهم من الصفر ولم يكن نجاحهم وليد الصدفة؛ فالاستثمار الجيد يولد الطاقة ويشحن الهمم ويعلي من مكانة الافراد والدول .
والدول الفاشلة هي التي لا تعير عجلة الاستثمار الأهمية، وتقود شعبها إلى الفقر والجوع والعوز والتبعية، كذلك تقاس قوة اي دولة ونفوذها وسيادتها بقوة اقتصادها وحسن استثمارها لمواردها وامكانياتها
وطاقات شبابها.
في حقيقة الأمر حاولت أن أجد في قاموس اللغة كلمة أخرى مرادفة لكلمة استثمار وتعطي المعنى ذاته، فلم أجد، ولهذا جاء عنوان المقال الاستثمار والاستثمار ثم الاستثمار، إذ تبادر إلى ذهني فورا الحديث النبوي الشريف " امك ثم امك ثم امك " فالاستثمار هو كالحاضنة التي تجمع نسيج المجتمع بكل اطيافه، فالمشاريع الفردية والجمعية، والاستثمار الداخلي أو الخارجي، كلها أعمدة وأوتاد حصينة لحماية المجتمعات من الهلاك.
وللإستثمار أوجه متعددة، وليس حصرًا في المال وإن كان المفهوم ارتبط به ارتباطاً وثيقاً.
فالأسثمار يلامس حياتنا اليومية، فهناك الاستثمار في الوقت، وعندما تسثمر وقتك وتديره بكفاءة فهو استثمار تستطيع به التغلب على خدعة العقل وتراقب يومك وأوقاتك بكل التفاصيل، وتقوم بالانجاز على ما يرام بدون ارهاق ومضيعة للوقت ..
كذلك الاستثمار في الشباب، اذ يعد استثمار الشباب استثمارا للوطن واستغلال طاقاتهم ومواهبهم وامكانياتهم واجب وطني .
أما الاستثمار الرابح من وجهة نظر الأسر فهو الاستثمار في الأبناء وتربيتهم . فالاستثمار بهم هو الاستثمار في المستقبل ومن اجل مستقبل مستدام ، والانتقال من ثقافة الاستهلاك الى ثقافة الانتاج والريادة .
من منا لا يريد العيش في وئام ودي ، من منا يرفض الحب والدفء ، كم منا لديه الرغبة في إلقاء همومه , وكم من مرة تعكر مزاجك وتمنيت أن يكون لديك صديق أو حبيب يعدل هذا المزاج ، وكم من مرة تلقيت ضربات من هنا وهناك ، وغدر بك الزمان ، وخانك من حولك ، فلم تجد الدرع الواقي الذي يسندك، ويصلك إلى بر الأمان ، وساعدك على الصمود واعادة شريان الحياة لك غير الصديق او الحبيب. .
من منا لا ينتظر شروق الشمس ليلتقي بالصديق/ة
نعم هو الاستثمار الاجتماعي ، قيمة الصداقة في حياة الفرد ؛ فوجود الأصدقاء والمحبون ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية المتزنة وتكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية، هو الانتماء والشعور بالمحبة ، والصداقات الجميلة التي قد تقلب حياتك راساً على عقب ، قد تغير من طببيعة عادات لك اعتقدت انها جزء منك لأجل اثراء الصداقة .
وعلى رأي ارسطو " الصداقات المصلحة بدون مصلحة ..تعطي البقاء وحالة السلام .
فالصداقة فضيلة اساسية في حياة الانسان ، من اجل البقاء ، وهي تجعلنا نعرف الإنسانية والحب ، الصداقة رفيق الحياة ، وتجلب لنا السعادة ..
والصداقة هي تلك العلاقة القوية المغلفة بالحب والصفاء والمختومة بختم الإخلاص والامانة ، وهي البيت الدافيء نلقي بالمتاعب ونتقاسم الهموم .
فلا يوجد اجمل من هذا الاستثمار .
فأعضاء صالوني الثقافي والصداقات والمحبة التي جمعتنا في هذا الصالون الصغير حجماً ، والكبير قيمة بكم ، فهو من أجمل مشاريع الاستثمار لدي ..
أما الاستثمار في التعليم والمعرفة والتكنولوجيه ، فهو حكاية لوحده ويسمى " الاستثمار غير الخاسر" ، وقد يتطلب منا العديد من الكتابة والمقالات ، لإعطائه جزءا من أهميتةً.
ولعل الاستثمار في التعليم والبحث العلمي والمعرفة من الضرورة بمكان، لصياغة فلسفة وشعاع من النور لتحقيق التنمية المستدامة .
ويعد الإستثمار في التعليم مجز بشكل كبير ، فهو مختص بالاستثمار البشري، فالمعرفة والعلم كفيلةً بجعل المجتمع أكثر انتاجية ، كما يساهم في تحسين المنطومة الأخلاقية للمجتمعات من خلال تهذيب السلوكيات ، وتغيير الأنماط الإستهلاكية والاتكالية ، ويعزز مفهوم العدالة المجتمعية وزيادة الانتاجيةً.
إن رصيد أي أمة متقدمة هو ابناؤها المتعلمون ، وإن تقدم الشعوب والأمم ، يقاس بمستوى التعليم ونوعيته، فالاستثمار في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار من العوامل الأساسية المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية .
اذا فمصطلح الاستثمار هو الأم والحاضنة والبيت الدافىء، والمرافق لنا في حياتنا اليومية والعملية ، وما نجاحنا في الحياة و سعادتنا الا ثمرة من الثمرات الناجحة في الاستثمار بكل ما يحيط بنا فقد وهبنا الله العقل وميزنا به ، علينا استثماره لصنع الحضارة والإرتقاء بالإنسانية، استثمر أولا نفسك وصحتك ثم حافظ على الاستثمارات الأخرى.