صدر حديثاً كتاب جديد بعنوان " البعد العسكري في السياسة الأردنية 1921–1999" لمؤلفه اللواء الركن المتقاعد الدكتور محمد خلف الرقاد مدير التوجيه المعنوي الأسبق ، والكتاب عبارة عن دراسة علمية جاءت في (376) صفحة من القطع المتوسط ، وقد طُبعت في المطابع العسكرية وعلى نفقة القوات المسلحة الأردنية / الجيش العربي مشكورة ( شكر وتقدير إلى عطوفة اللواء الركن الطيار يوسف الحنيطي رئيس هيئة الأركان المشتركة) ، وقد نشرت في مناسبة احتفالات الأردن بمئوية الدولة الأردنية ، وقد هدفت الدراسة إلى إبراز نجاح السياسة العسكرية التي انتهجها النظام السياسي الأردني بقيادته الهاشمية في توظيف قوته العسكرية من أجل تحقيق الأهداف الوطنية والمصالح الوطنية العليا للدولة الأردنية ، وذلك من أجل توفير بيئة آمنة ومستقرة للداخل الأردني ( سياسة داخلية ) ، وبناء علاقات دولية ناجحة (سياسة خارجية ) مع وحدات النظام الدولي سواء أكانت دولاً شقيقة أم صديقة ، ومن أجل رسم سياسات داخلية وخارجية وضعت الأردن على خارطة العالم السياسية والعسكرية ، فحققت للأردن بيئة عامرة بالأمن والاستقرار ، وأسندت سياسته الخارجية في توطيد علاقاته الدولية ، وأسهمت في تحقيق الأمن والسلم الدوليين ، ونجحت في نزع الحزن من قلوب المكلومين ، ورسم الابتسامة على محيا البؤساء من الذين تعرضوا للظلم وانتهاك حقوق الإنسان من ضحايا الحروب الأهلية التي أنهكها الاحتراب والتنافس المحموم على المناصب ، والتسابق غير المحمود على كراسي الحكم .
وقد اتبعت الدراسة منهجاً علمياً في مجرياتها، حيث زاوج المؤلف بين أربعة مناهج من مناهج دراسة العلوم السياسية هي منهج تحليل النظم ، منهج صنع القرار ، منهج النخبة السياسية ، ومن ثم المنهج التاريخي وذلك لتشخيص البعد العسكري في السياسة الأردنية ، وذلك لتحليل الأحداث العسكرية والقرارات السياسية التي وجّهت الدورَ العسكريَّ حيث تكون المصالح العليا للدولة الأردنية ، هذا البعد الذي خطته القيادة الهاشمية ، ونفّذه الجيش العربي الأردني الباسل بصدق وشرف عسكري ، وبتفانٍ وإخلاص لصالح الأردن ، ولصالح البشرية جمعاء.
وقد اشتمل الكتاب على معلومات من مظانها الأصلية بعضها من المؤسسات العسكرية المتخصصة في القيادة العامة للقوات المسلحة ، وبعضها من صدور الرجال من العسكريين من خلال مقابلات شخصية مع بعض الضباط الذين شهدوا الأحداث وشاركوا في صنعها ، وبخاصة تلك التي شكّلت أبعاداً عسكرية مهمة في دعم وتعزيز السياسات الداخلية والخارجية للأردن بالإضافة لعلاقاته الدولية ، فمنهم من وصل إلى مستويات قيادية عسكرية عليا ، حيث وصل بعضهم إلى مستوى قيادي عال ( رئيس هيئة الأركان المشتركة ) ، ومنهم من تسلم مناصب مساعدي رئيس الأركان ، ومنهم من أصبحوا نواباً وأعياناً في مجلس الأمة الأردني ، إضافة لمن ذكرتهم الدراسة وتحولوا من النخبة العسكرية إلى النخبة السياسية ، وشغلوا مناصب عليا في الدولة الأردنية ، فمنهم من شكلوا وزارات ، ومنهم من تقلد حقائب دبلوماسية في الوزارات الأردنية المتعاقبة، وكانوا ناجحين في إدارة مرافق الدولة بكل أيعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كما جاء الكتاب في فصل تمهيدي تناول فيه الإطار النظري للقوة العسكرية كوسيلة وأداة للسياسة ، وفي خمسة فصول أخرى تناول في الفصل الأول منها البعد العسكري في صنع وتكوين النخبة السياسية في الأردن ، وما هي وسائل وأساليب إعداد وتهيئة النخبة العسكرية أثناء وجودها في شرف الخدمة ، وما هي منهجية وآليات التحول من النخبة العسكرية إلى النخبة السياسية بعد التقاعد والانتهاء من أداء شرف الخدمة العسكرية ، وفي القصل الثاني تناول الكتاب البعد العسكري في السياسة الداخلية الأردنية ، وكيف تمكن من توفير بيئة مميزة من الأمن والاستقرار عبر سني تأسيس وتطور الددولة الأردنية من عام 1921م – 1999م، وفي الفصل الثالث تناول البعد العسكري في السياسة الخارجية ، وكيف تمكن الجيش العريي الأردني وبتوجيهات من قيادته الهاشمية من دعم السياسة الخارجية للأردن وتعزيز الدبلوماسية الأردنية والمساهمة في إسناد بعض الأشقاء في الأزمات التي تعرضوا لها ، مثل إرسال قوة عسكرية أردنية للمساعدة في حل أزمة الأشقاء في الكويت الشقيق عام 1961 م– 1963م ، وفي الفصل الرابع تناول الكتاب التعاون العسكري الأردني العُماني وبخاصة في أزمة الأشقاء في سلطنة عُمان مع المتمردين في ظفار عام 1975م ، وتناول في فصله الخامس البعد العسكري لمشاركة القوات المسلحة الأردنية ومديرية الأمن العام في قوات حفظ السلام الأردنية ، حيث جسد العسكريون والأمنيون الأردنيون الخطاب السياسي والعسكري الأردنيين خير تجسيد ، فكانوا السفراء بحق الذين عكسوا جندية ودبلوماسية الأردن بكل أبعادها ، وقد خلٌصت الدراسة إلى بعض الاستنتاجات وتوصلت إلى عدد من النتائج وقدمت عدداً من التوصيات .